زاوية المرسال

آمنوا العقاب، فأسأو الأدب .. بقلم أمير أبو رية

 

إن مايحدث بالأراضى الفلسطينية من تجبر وتطاول وإنتهاك للحريات وفساد وظلم فى كل بقاعها شمالا وجنوبا هو أمر طالما يطرح سؤالا ملح من أين يستمد الكيان الصهيونى هذه القوة التى جعلته يتجبر بهذا الشكل؟ أى قوة هذه التى تجعل عدد قليل من اليهود يفعل كل هذة الأفاعيل بأبناء الشعب العربى الفلسطينى وهو محاط بالعرب من كل إتجاة شمالا وجنوبا شرقا وغربا،

هل القوة العسكرية فقط؟ هل الدعم الدولى فقط؟ بالطبع ليس فقط ففى صفحات التاريخ تجد قوته سبق وهُزمت هزيمة ساحقة فى أكتوبر من عام ١٩٧٣م ، بخلاف أن المقاومة و بإمكانيات بسيطة تكبد هذة القوة خسائر رهيبه من حين لآخر وتهدد آمنها، كمان أن المجتمع الدولى إن تجمعت الكيانات العربية على قلب رجل واحد فإنها ستفرض تأثيرا كبيراً عليه سيعوقه عن الدعم المطلق لهذا الكيان المحتل، لذلك فهناك عامل أكبر أدى الى إكتسابه لهذة القدرة من التجبر والإفتراء على العزل من أبناء الشعب الفلسطينى، فهو قد آمن ردة الفعل العربية وأنها دون المستوى أو حتى دون أن تؤخذ فى الإعتبار، وبالتالى فأى فعل منه مهما بلغ من التجبر فإنه آمن العواقب

خير دليل على هذا هو ما حدث فى إبريل من عام ١٩٢٥م وأثناء أفتتاح الجامعة اليهودية بالقدس، دعا اليهود إلى هذا الحفل العديد من الشخصيات العالمية وقتها وكان من ضمنهم ” جيمس بلفور” رئيس الوزراء البريطانى و صاحب الوعد الأنجليزى الشهير لليهود بإقامة وطن لهم بفلسطين، ومن المعروف مدى كراهية العرب له ورفضهم القاطع لوجودة على الأراضى الفلسطينة، تخيل أن مثل هذا الأمر الجلل لم يكن ليلقى له اليهود بالا ولم يؤخذ ردة فعل العرب عنه فى أعتبارهم أصلا، مثل هذا الرجل ماكان يجب أن تطئ قدمة الأراضى الفلسطينية خاصة والعربية عامة، و حتى إن حدث وآتى ماكان يجب أن يخرج منها على قدميه بالمره وإنما محمولاً على ظهرة وهو ما لم يحدث للاسف

كتب حاييم وايزمان ( أحد المؤسسين البارزين للحركة الصهيونية العالمية وأول رئيس لدولة الإحتلال ) فى مذكراتة هذه الكلمات والتى تعبر عن النظرة الصهيونية للعرب منذ قدومهم كلاجئين إلى القدس وحتى وقتنا الحالى
” لقد كان لوصول بلفور أثرة البالغ على العرب، وكنا نقدر هذا الأمر فى حجمة، إلا إننا لم نشعر بالقلق مطلقا حيث كانت النتائج والخسائر معروفة، فهى لا تتعدى قفل بعض حوانيت العرب بالقدس ويافا وحيفا، إعتراضاً على تواجد بلفور المكروة لوعده لنا، ثم بعض غوغاء العرب يتظاهرون فى الشوارع ويرددون نداءات المعاهده المعتادة، ثم لا شيئ، لم تقلقنا هذة الأشياء ولم نشغل وقتنا بها “
هذة ليست مجرد كلمات بمذكراته إنما هى تعبير عن فكر الصهاينة تجاة العرب ودرايتهم الجيدة بردود الفعل العربية اللينه للأسف

هذة الكلمات تجسيد حقيقى للمثل القائل من آمن العقاب أساء الأدب، فلو أن للعرب حينها كلمة قوية وردة فعل حادة لما تجرأ اليهود على دعوة بلفور لحفل الإفتتاح، لكنهم يعلمون أن الأمر سيمر بأقل الخسائر أو بدون خسائر أصلا وهو ما كان بالفعل، وتم الإفتتاح على أكمل وجه وجال الرجل بشوارع القدس بمنتهى الأريحية، من وقتها وتوسعت سطوة الجرأة اليهودية بفلسطين وغيرها وحتى وقتنا الحالى، وللأسف لا نعتقد أن هذة الجرأة ستنتهي أبداً حتى يروا ردة فعل قوية تليق بتجبرهم، وهو مالا نتوقعة فى ظل إنشغال العرب بالمواسم الترفيهية وسفاسف الأمور فى كل بلادهم وعدم إنشغالهم بقضايا بعضهم البعض، هل صح القول أن أتفق العرب على ألا يتفقوا قد يكون هذا، أم أنهم حقا أصبحوا كغثاء السيل بلا فائدة، كل هذا وارد طبعا فالوضع الحالى خير شاهد ودليل على ذلك.

كتب / أمير أبو رية

زر الذهاب إلى الأعلى