“ما أشبه الليلة بالبارحة!” هكذا أصف عودة اللبنانيين إلى ديارهم في جنوب لبنان عقب الهدنة مع إسرائيل اليوم وأمس. مشهد يحمل في طياته معاني الصمود والشوق إلى الأرض، يعيد إلى الأذهان ما حدث عام 1978 عندما عاد الجنوبيون سيرًا على الأقدام وفي السيارات إلى منازلهم بعد وقف إطلاق النار.
اليوم، يعيد التاريخ نفسه، حيث شهدت القرى الجنوبية زحفًا جماعيًا مشابهًا لما حدث قبل 46 عامًا. عائلات تسابق الزمن للعودة إلى منازلها التي اشتاقت إلى دفء الحياة، بينما تنبض الطرقات بحكايات صمود جديد يضاف إلى ذاكرة الجنوب.
عودة تحمل في طياتها ذاكرة عام 1978
في عام 1978، وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، عاش الجنوب مرحلة مأساوية من النزوح الجماعي بسبب العمليات العسكرية. ومع توقيع اتفاق الهدنة حينها، خرج الآلاف سيرًا على الأقدام ومنهم من استخدم سيارات متهالكة ليعودوا إلى منازلهم، رغم آثار الدمار التي لحقت بالقرى والبنية التحتية.
اليوم، ومع دخول هدنة جديدة حيز التنفيذ، تتكرر المشاهد ذاتها ولكن مع تغييرات فرضتها السنوات. عادت العائلات عبر السيارات المكدسة بالأمتعة، والبعض لم يجد وسيلة سوى السير على الأقدام، حاملين الأعلام اللبنانية رمزًا للصمود والانتصار.
الجنوب بين الماضي والحاضر
الفرق بين عودة عام 1978 واليوم يكمن في أدوات الصمود. في الماضي، كان الجنوبيون يعتمدون على تضامنهم الشعبي والبدائل البسيطة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب. أما الآن، فقد أصبحت لديهم شبكات دعم أوسع سواء عبر الدولة أو عبر المجتمع الدولي.
ومع ذلك، تبقى المشاعر هي نفسها: أمل في العودة إلى الحياة الطبيعية، وخوف من تكرار الدمار، وثقة بأن الجنوب قادر دائمًا على النهوض من جديد.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية
عودة الجنوبيين لا تحمل فقط أبعادًا إنسانية، بل أيضًا اقتصادية. فهي تعيد الحياة إلى القرى التي عانت من الركود خلال الصراع. الأسواق تعود للعمل، والمزارع تستعيد نشاطها، والمدارس تستعد لفتح أبوابها أمام الأطفال الذين عاشوا تجربة النزوح.
يبقى الجنوب اللبناني شاهدًا على دروس التاريخ. عودة اليوم وأمس تؤكد أن الصمود ليس مجرد كلمة بل هو أسلوب حياة للجنوبيين. وبينما يواجه لبنان تحديات جديدة، تبقى روح التحدي والتضامن قادرة على تخطي المحن، لتبقى القرى الجنوبية رمزًا للإرادة والصمود.