فنون و ثقافة

ألو قيد”رحلة في تاريخ الملاحة العُمانية بتوقيع يوسف البلوشي

بقلم/خالد حمدالله

يوسف البلوشي فنان مهمومٌ بالتراث العُماني
من الأسماء البارزة في مجال الإخراج المسرحي والتلفزيوني في سلطنة عُمان، حيث قدّم العديد من الأعمال التي تعكس التراث والتاريخ العُماني. بدأ مسيرته الفنية عام 1979، وأخرج مسلسلات بارزة مثل عُمان في التاريخ والخليل بن أحمد وهكذا هي الدنيا، إلى جانب أعمال مسرحية متميزة مثل الطباخ.

شغفه بالتراث العُماني يتجاوز حدود الإخراج؛ فهو فنانٌ مهمومٌ بتاريخ بلده الفني، يسعى دائمًا إلى إبراز الموروث الثقافي والحضاري لعُمان. من هنا، جاءت أعماله لتكون شاهدًا على أصالة الفن العُماني ومصدر إلهام للأجيال الجديدة.

“ألو قيد”.. توثيق للعلاقة التاريخية بين عُمان والبصرة

س: ما الذي دفعك لإنتاج وإخراج مسلسل “ألو قيد”؟
ج: وُلِدت فكرة المسلسل خلال زيارتي إلى البصرة، حيث لفت انتباهي الترابط التاريخي والتجاري بينها وبين مدينة صور العُمانية، خاصة في المجال البحري. وبحكم اهتمامي بالتراث، وجدت في هذه العلاقة مادة غنية للدراما. العمل من تأليف الكاتب سعيد عامر، وكان من المفترض تصوير مشاهد في البصرة، لكن لم يتم ذلك من الجانب العراقي، ما دفعني إلى تحمّل كافة الأعباء الإنتاجية لضمان اكتمال التصوير بما يخدم رؤية العمل.

غياب الدراما العُمانية.. أين الخلل؟

س: لماذا لم نعد نشاهد أعمالًا درامية تلفزيونية كما كان الحال في السابق؟
ج: أتفق معك، فالإنتاج الدرامي في عُمان أصبح نادرًا مقارنة بفترة السبعينيات والثمانينيات، حيث شهدت تلك الحقبة أعمالًا قوية بمشاركة نجوم من مختلف الدول المجاورة. رغم مساندة وزارة الثقافة لهذا العمل، إلا أن الإنتاج الدرامي العُماني بحاجة إلى دعم أكبر ليستعيد مكانته كما كان في الماضي.

التمسك بالتراث أم معالجة القضايا المعاصرة؟

س: لماذا اخترت تقديم عمل تاريخي بدلاً من عمل اجتماعي يعالج قضايا معاصرة؟
ج: لأنني مؤمنٌ بأن التراث العُماني يستحق تسليط الضوء عليه، سواء في الدراما التلفزيونية أو المسرح. قدمتُ سابقًا أعمالًا تراثية، منها عمل مشترك بين عُمان والبحرين، يروي قصص الملاحة العُمانية ودور البحّارة العُمانيين الذين كانوا أسياد البحار، ممتدين بعلاقاتهم من إفريقيا إلى الهند والصين. عُمان كانت أول دولة أقامت علاقات دبلوماسية مع أمريكا عام 1835، عندما أرسل البحّار العُماني أحمد بن النعمان الكعبي كأول سفير. هذه المحطات تستحق أن تبقى حيّة في ذاكرة الأجيال الجديدة.

هل التراث أكثر جذبًا للجمهور؟

س: هل ترى أن الأعمال التراثية أكثر جذبًا للجمهور، أم أنك أردت إيصال رسالة معينة؟
ج: الأعمال التراثية تحمل سحرًا خاصًا، خاصة لدى الأجيال الجديدة التي تسعى لاكتشاف عراقة الماضي. أما الدراما الاجتماعية، فهي متوفرة بكثرة على الشاشات العربية. لذا، فضّلتُ تقديم التراث بصورة متميزة تظل في ذاكرة المشاهدين.

اختيار أبطال من جنسيات مختلفة.. تسويق أم ضرورة درامية؟

س: اختيارك لممثلين من جنسيات مختلفة، هل كان بهدف التسويق خليجيًا أم أن القصة تتطلب ذلك؟
ج: الاختيار جاء بناءً على طبيعة القصة، التي تتناول العلاقات بين عدة دول كالعراق والإمارات والكويت والبحرين. كان من المفترض تصوير مشاهد في البصرة، لكن بسبب الظروف، استعنت بممثلين أردنيين لتعويض ذلك. كما أن وجود نجوم من دول خليجية أخرى دعم العمل تسويقيًا وساعد في انتشاره.

صعوبات الإنتاج وضعف الدعم

س: ما الصعوبات التي واجهتها، خاصة أن الدراما العُمانية لا تحظى بنفس الدعم الخليجي؟
ج: أبرز التحديات كانت نقص الدعم المادي، لذلك تحمّلت نفقات الإنتاج بنفسي إيمانًا بأهمية العمل. نأمل مستقبلاً أن تحظى مثل هذه الأعمال باهتمام أكبر من الجهات الرسمية.

ما الذي تحتاجه الدراما العُمانية للمنافسة؟

س: برأيك، ما الذي ينقص الدراما العُمانية اليوم لتكون منافسًا قويًا خليجيًا؟
ج: التمويل هو العقبة الأكبر، يليه قلة الاهتمام الإعلامي. عندما يتوافر الدعم الكافي والتغطية الإعلامية، يمكن للدراما العُمانية أن تعود بقوة كما كانت قبل 30 عامًا.

مستقبل الإنتاج الدرامي العُماني

س: بعد هذه التجربة، هل تفكر في مواصلة الإنتاج، أم أن غياب الدعم يجعل الأمر صعبًا؟
ج: بصراحة، لن يحقق العمل عائدًا ماليًا يغطي تكلفة الإنتاج، لكننا نأمل في تسويقه بعد رمضان. ومع ذلك، يبقى حلمي تقديم عمل درامي عربي مشترك يجمع فنانين من مختلف الدول.

الرسالة التي يحملها المسلسل

س: ما الرسالة الأساسية التي تريد إيصالها من خلال هذا العمل؟
ج: أردتُ التأكيد على أن الفنان العُماني لديه القدرة على تقديم أعمال تراثية تليق بمكانة الدراما العُمانية. هناك عدم رضا عن بعض الأعمال السابقة، لذلك شعرت بمسؤولية تقديم عمل يعكس إمكانياتنا الفنية، ويساهم في إحياء الدراما العُمانية.

التلفزيون أم المنصات الرقمية؟

س: هل تفكر في عرض العمل على المنصات الرقمية أم أن التلفزيون لا يزال الخيار الأفضل؟
ج: لا شك أن المشاهدة التلفزيونية تظل مميزة، خاصة ضمن العائلة والأصدقاء، لكن لا يمكن إنكار أهمية المنصات الرقمية. لذلك، لدينا خطة لعرض المسلسل على بعض المنصات بعد رمضان لضمان وصوله إلى جمهور أوسع.

ختامًا، يبقى المخرج يوسف البلوشي نموذجًا لفنان يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على التراث العُماني، من خلال أعمال درامية تستلهم أصالة الماضي لتظل حاضرة في وجدان الأجيال القادمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى