أحياناً تتعدى درجة موهبة إنسان العبقرية ، فتكون كمن تصطدم بالحائط ، من قوة الموهبة الفذة التى حباها الله بها ، وملك الموسيقى ، بليغ حمدى ، هكذا، موهبته قد تعدت السقف المفترض الوصول إليه ، فقد وصلت لأعلى درحات الموهبة ، وكما قدمه حليم فيما سبق وقال عنه أنه ، أمل مصر في الموسيقى .
بليغ حمدى ، شخصية كاريزماتية مختلفة الوجود ، إحدى فلتات مصر العظيمة ، والتي لو كانت في مصر المئات منها ، لأصبحت مصر الأن مزاراً فنياً عظيماً تجوبه كل الدول وتسعى إليه كل البشر من كافة طوائف البشرية .
أقنع السيد محمد حسن الشجاعى ، مستشار الإذاعة المصرية وقتها بليغ حمدى بإحتراف الغناء ، وقد سجل بالفعل أربعة أغينات ، لكن كان تفكيره متعمق فى التلحين ، وإستمر في تلحينه للكثيرين حتي وصل لمحمد فوزى الذي أعطاه الفرصة للتلحين لكبار المطربين حتى وصل لعبد الحليم حافظ وكان أول ألحانه له، تخونوه ، عام 1957م.
وقد إشتهر بليغ حمدى بسهولة وبساطة ألحانه ، للدرجة التى جعلت كل مستمع يستطيع أن يتعرف علي ألحانه بكل سهولة ، فقد صنع لنفسه شخصية مميزة وسط كل الملحنيين الأخرين ، وقد وصل الموسيقى والإيقاعات الشعبية المختلفة بطريقة تتناسب مع أصوات المطربين الكبارمثل ثومة وحليم وشادية.
وهنا تظهر قيمة الموهبة الكبيرة وثقة محمد فوزى في نفسه ، عندما يقدم بنفسه بليغ حمدى لأم كلثوم ، التي كانت قد طلبت منه شخصياً ، أن يلحن لها بعدما قررت أن تخرج من عبائة السنباطى للتغيير، فأعتذر لها محد فوزى بأدبه الشديد ومرحه وخفة ظله وقال لها{عندي ليكى حتة ملحن يجنن ، مصر ستغنى له ستون عاماً قادماً}.
وقد كان التعارف الأول بين ثومة وبليغ حمدى في منزل الدكتور زكى سويدان الطبيب المعالج لها ، وقد بدأ بليغ في تلحين الكوبليه الأول وهو جالساً علي الأرض وسط ذهول الحاضرين ، ففعلت مثله وإفترشت الأرض وهي مغيبة تماماً لجمال اللحن والكوبليه ، ليشاء القدر أن تغني ثومة أول ألحان بليغ في ديسمبر من عام 1960م ، وأغنية ،{حب إيه}وتحقق نجاحاً ساحقاً كبيراً لها ولبليغ حمدى ، وقد لحن لها العديد من الأغنيات الناجحة والتي وصلت لإحدى عشر أغنية ، وكانت أخر ما غنت له من ألحانه رائعتها{حكم علينا الهوي}عام 1973م.
ثم لحن لحليم ووردة وشادية ونجاة وصباح وفايزة أحمد وسميرة سعيد وميادة الحناوى وعزيزة جلال وهانى شاكروأصالة ، وكذلك عماد عبد الحليم وسمية قيصرونادية مصطفى وفهد بلان ، ومحمد العزبى وسوزان عطية ومحرم فؤاد ،ولطيفة وفايدة كامل وهدى سلطان ، وذكرى وعدوية وأخرون كثيرون ، لحن العديد والعديد من الأغنيات الشهيرة لهم والناجحة جداً في حياتنا حتي الأن.
وكان بليغ قد تزوج من السيدة أمنية طحيمر، لكن زواجهما لم يستمر أكثر من عام واحد ، وبعدها بحوالى عشرة سنوات قام بالزواج من وردة في منزل الفنانة نجوي فؤاد ، والتى كانت تتزوج هى الأخرى في نفس اليوم ، فطلب بليغ من وردة أن يتزوجا معاً في نفس اليوم من عام 1972م.
وقد ولد بليغ عبد الحميد حمدى مرسى ، الشهير ببليغ حمدى ، فى حى شبرا بالقاهرة ، في 7 أكتوبر من عام 1931م ، وقد كان والده يعمل أستاذاً للفيزياء فى جامعة فؤاد الأول{جامعة القاهرة الأن}وقد أتقن العزف علي ألة العود وهو في سن التاسعة ، بينما كان في الثانية عشر ، حاول أن يلتحق في معهد فؤاد الأول للموسيقى إلا أن صغر سنه منعه من ذلك ، فألتحق بمدرسة شبرا الثانوية للبنبن ، في نفس الوقت الذي كان يدرس فيه أصول الموسيقى في مدسة عبد الحفيظ إمام ، للموسيقى الشرقية ، ثم تتلمذ بعد ذلك علي يد درويش الحريرى ، وتعرف بعد ذلك علي الموشحات العربية من خلاله ، حتى ألتحق بكلية الحقوق ، في نفس وقت إلتحاقه بمعهد فؤاد الأول للموسيقى{معهد الموسيقي العربية الحالي}.
وقد توفى بليغ حمدى في يوم 12 سبتمبر من عام 1993م ، عاش فيها 62 عاماً من الحب والموسقى ، بعد معاناته ومرض كبده ، ومات أفضل من أنجبت الموسيقي العربية علي الإطلاق ، بليغ حمدي ، سيد درويش العصر.
رحم الله بليغ حمدي ، وأعطي مصر مواهب بحجم موهبته وحب بقدر عاطفته لوطنه مصر، التي أخلص لها ، حتي وإن لم تكرمه حتي الأن ، فيكيفيه أن الناس في كل أرجاء الوطن العربى يعرفون قدر قيمته وحجم قامته ، وموهبته وإبداعه.