زاوية المرسال

احمد رشدي مكتشف رأفت الهجان و قاهر المخدرات

بقلم عمرو النوبي

في التاسع والعشرين من أكتوبر في عام1924 شهد مركز بركة السبع محافظة المنوفية
مولد أحمد رشدي محمود عيد و الذي أصبح فيما بعد من أشهر وزارء داخلية مصر و أكثرهم شعبية

لقد كان اللواء أحمد رشدي شديد الانضباط و كان له رؤية خاصة في عمله و خاصةً في إلقاء القبض على الخارجين عن القانون و التي كانت تتلخص في عدم استخدام العنف تماما و إنما إستخدام طرق المناورة و غيرها من الأساليب الأمنية العلمية و العملية و التي دائماً ما تؤدي إلي إحكام القبضة على الخارجين عن القانون بشكل احترافي و تقديمهم الي العدالة

علاقة رشدي برأفت الهجان:

و من أهم ما يُذكر في تاريخ اللواء أحمد رشدي هو اكتشافه لاشهر جاسوس مصري و هو رفعت سليمان الجمال و المعروف برأفت الهجان البطل الحقيقي للمسلسل الشهير رأفت الهجان.. حيث كان رشدي على تواصل برجل المخابرات العامة المصرية اللواء عبد المحسن فائق و الذي عُرف في المسلسل باسم (محسن ممتاز)و هو أحد مؤسسي جهاز المخابرات العامة المصرية.. و الذي كان يرغب في زرع عميل داخل الكيان الإسرائيلي و هو في مهده و لكن لم يرغب في تجنيد عميل يهودي تخوفاً من خيانته بمجرد وصوله لإسرائيل فما كان من اللواء رشدي إلا أن يقدم له رفعت سليمان الجمال (رأفت الهجان) ذلك الشاب المصري الخالص و الذي من السهل تجنيده و ضمان ولائه و بالفعل بعد أن قام رشدي بالقبض على على رفعت سليمان الجمال (رأفت الهجان) في أحد الأكمنة أثناء هروبه و وجد له اكثر من باسبور باكثر شخصية وجد فيه ذلك الشاب المراوغ الذي لديه القدرة على الخداع و المراوغة داخل المجتمع الإسرائيلي الناشئ و بالفعل قام بتقديمه و بفضل الله تمت العملية بنجاح باهر لم يكن له نظير

رشدي وزيراً للداخلية و يواجه تحديات كبيرة:

و في عام 1984 تم تعيين اللواء أحمد رشدي وزيراً للداخلية و هنا كانت النقطة الفاصلة ليست في حياته فقط بل و في تاريخ مصر
فلقد استحوذ الوزير الجديد على شعبية لم يحظي بها وزير داخلية من قبله و هو على غير العادة حيث لابد لوزير الداخلية أن تكون له هيبة لإحكام الانضباط و تنفيذ القانون و بالفعل حظى رشدي بهذه الهيبة و لكن صاحبها إحترام و شعبية بين جموع الشعب و لكن هذا الأمر قد أزعج الخارجين عن القانون..
و مما ذكرته كثير من المصادر عن وقائع لرشدي كانت بمثابة نقاط تحول في العمل الأمنى فى الشارع المصرى و من أشهر الوقائع التي نفذها اللواء أحمد رشدي أثناء توليه وزارة الداخلية ما فعله فى أحد أقسام الشرطة عندما حضر رجل عجوز إلى القسم، وقد بلغ من العمر أرذله يتكئ على عصاه و فى ثياب متواضعة و تظهر على وجهه وجسده علامات الإعياء الشديد و مصابا أعلى جبهته اليمنى ليقوم بتحرير محضرا لمن قاموا بالاعتداء عليه ، وعندما دخل إلى القسم وجد مجموعة من ضباط القسم يتسامرون فإذا به ينادى عليهم، فيرد أحدهم بأسلوب غير لائق مع رجل مسن، فيجيب الرجل :”أريد أن احرر محضرا فى من قام بضربي” فيجيب الضابط فى استهزاء و لا مبالاة.
ولكن العجوز لم ينتظر الضابط وتوجه على الفور إلى مكتب مأمور القسم، وعندما قرع الباب ودخل عليه قائلا :”أريد أن أحرر محضرا والسادة الضباط لا يستجيبوا لى”، فإذا بالمأمور يتعامل بنفس أسلوب ضباطه مع ذلك العجوز ، وما كان من الرجل العجوز إلا أن يرمي العصا على الأرض ويزيل الكمامة التي كان يضعها على جرحه الزائف، ناظرا إلى المأمور الذى تسمرت قدماه فور وضوح الرؤية لوجه ذلك العجوز و الذي تبين أنه اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية ، ثم ذهب وجلس على مكتب المأمور آمراً له قائلاً :” اجمعلى كل البهوات بتوع القسم وانت على رأسهم”،وقد كان فقد أعطى جزائات لكل ضباط القسم.

رشدي ينهي إمبراطورية المخدرات:

و كانت أهم محطاته و اكبر تحدي له كانت إمبراطورية المخدرات بالباطنية
حيث اكتشف “رشدى” أن سر عدم نجاح الحملات الأمنية على “الباطنية” هو أن المرشدين السريين المزروعين للمباحث ، هم ذاتهم الذين يُحذّرون تجار المخدرات ليأخذوا حذرهم ويقومون بإخفاء بضاعتهم فى سراديب سرية غير معلومة، فتم إعداد خطه سريه مُحكمة و سحب المرشدين السريين في اجتماع طاريء و هم لا يعلمون أن موعد هذا الاجتماع هو موعد الحملة الكبرى على الباطنية و التي سيقودها وزير الداخلية شخصيا اللواء أحمد رشدي ونجحت الحملة نجاح باهر فى اقتحام أوكارهم والقضاء عليهم و لم يكتفي بالمتابعة بغرفة العمليات و لكن كان أول شخص على أرض المعركة و لعل هذا كان السبب الخفي للإطاحة به من خلال تدبير أحداث الأمن المركزي في عام 1986

الأمن المركزي يطيح باحمد رشدي:

فلقد أصبح رشدى شوكة فى ظهر الخارجين عن القانون و خاصةً بعد تصفية أكبر البؤر الإجرامية في حملة أمنية مكبرة بقيادته شخصياً وكان لا بد من إزاحة هذا الرجل من المشهد بأى طريقة
و قد كان فلقد تسربت شائعات عن وجود قرار سري بمد سنوات الخدمة من ثلاث إلي خمس سنوات لجنود الأمن المركزي و هو ما ادي إلى استياء و غضب مجندي الأمن المركزي و تسبب في الأحداث التى وقعت في 25 فبراير 1986م عندما تظاهر عشرات الآلاف من مجندي الأمن المركزي في معسكر الجيزة بطريق الإسكندرية الصحراوي احتجاجًا علي سوء أوضاعهم
و استمرت حالة الانفلات الأمني لمدة أسبوع أعلن فيها حظر التجول وانتشرت قوات الجيش في شوارع القاهرة و تم اعتقال العديد من جنود قوات الأمن المركزي وبعد انتهاء هذه الأحداث و استتباب الأمن تم رفع حظر التجوال وتم عزل العديد من القيادات الأمنية من الأمن المركزي مستقبلا، وهو ما قاد فى نهاية المطاف إلى استقالة “رشدى” من وزارة الداخلية بعد أحداث الأمن المركزى الشهيرة .

وكان رحيله سبباً فى حزن الكثيرين من المواطنين ومن رجال أجهزة الشرطة، بينما أقام الخارجين على القانون تجار المواد المخدرة، الاحتفالات عند سماع خبر الرحيل ويقال أنهم أطلقوا على نوع جديد من المخدرات اسم “باى باى رشدى”.

رحيل اللواء أحمد رشدي:

وفي عام 2013 توفى الرجل الطاهر تاركاً سجلا حافلاً من الإنجازات يضاف الي سجل إنجازات رجال مصر الشرفاء.
فلقد تقلد اللواء أحمد رشدي منصب وزير الداخلية لمدة عامين فقط و لكن ظل حتى بعد رحيله مُلقب بقاهر المخدرات و الفساد
رحمة الله على اللواء أحمد رشدي و كل شهداء الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى