يعد الدكتور حسين نصار من الأعلام الأجلاء الذين أثروا حياتنا الأدبية، تعدد نشاطه العلمى، فهو مؤلفاً موسوعياً، ومحققا دقيقاً كما أن أعماله تشمل كل صنوف التأليف، من دراسات أصيلة، وترجمات لعدد من أبرز أعمال المستشرقين تشهد بتمكنه من اللغة الانجليزية، حيث نقل بعضاً ما كتب بها في عربية واضحة انيقة، مع الحرص على أمانة النقل، وتحقيقات لنصوص التزم فيها بالنهج العلمي القويم مما يلحقه بكبار المحققين للتراث العربي من أمثال: محمود محمد شاكر، وعبد السلام محمد هارون، وشوقي ضيف. وأن هذا التعدد في الاختصاص لم يتوافر إلا لقليل من الكتاب في جيل الرواد الأوائل.
ولد الدكتور حسين نصار في حارة “كوم بهيج” فى مدينة أسيوط، فى 25 أكتوبر عام 1925، والتحق بالمدرسة الابتدائية بأسيوط، ثم التحق بمدرسة أسيوط الثانوية، وكان لمدرس اللغة العربية في السنة الثالثة الابتدائية بالغ الأثر في حياته، فهو الذي حببه وزملائه في اللغة وآدابها، وحببه أيضاً في القراءة، ثم تأثر بمجموعة أساتذة اللغة العربية في المدرسة الثانوية بأسيوط، وكان منهم المحقق الكبير محمد أبو الفضل إبراهيم، والشاعر الكبير علي الجمبلاطي، كان هو بالقسم العلمي، وعندما حصل على البكالوريا، التحق بكلية الطب جامعة جامعة فاروق الأول (الإسكندرية). كان ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية، والإسكندرية في ذلك الوقت كانت عرضة للغارات الألمانية، فخافت عليه أسرته، لأنه كان الابن الوحيد لهم، فعاد إلى القاهرة، والتحق بكلية الآداب قسم اللغة العربية، وحدث وهو في المرحلة التوجيهية أن دخل المسابقة التي أنشأها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ومن ينجح فيها كان يتمتع بالمجانية في الجامعة إذا التحق بها – فيما بعد-، وكان هذا النظام يعطي للطالب الحق في اختيار أي مادة من المواد، فاختار حسين نصار اللغة العربية(1).
في كلية الآداب:
التحق حسين نصار بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول، وكانت تزخر بكوكبة من الأساتذة الأجلاء في كل التخصصات أمثال: طه حسين، وأحمد أمين، وإبراهيم مصطفى، وشوقي ضيف، وفؤاد حسنين، ومحمود الخضيري، ومراد كامل، وعبدالوهاب عزام، وعلي عبد الواحد وافي، ومحمد كامل حسين، وأمين الخولي.. وكان الخولي أبرز مؤثر في قسم اللغة العربية، وكان يثير أذهان الطلاب, ويحب المناقشة والجدل, لذا كان لافتاً للنظر أكثر من غيره.. لأن بقية الاساتذة لم يكونوا مثله على الأقل في هذا، ومن الأساتذة الذين تأثر بهم الدكتور نصار أكثر، الأستاذ مصطفى السقا، وربما كان أقرب له في طباعه وممارساته وحياته، وعمل معه في الماجستير والدكتوراه، وعن هذا العلاقة يقول د.نصار: “والذي أكاد أقول أنه تبناني ويتميز هذا الأستاذ بأنه هادئ الطباع, يكره المشاكل، فإذا وجد فريقين ابتعد عنهما معاً ما استطاع، وهو منظم في حياته عطوف, وقته كله للقراءة والدراسة والعمل.. محب لتحقيق المخطوطات وكل هذا جعلني أتأثر به عندما عرفته، وكان يأخذني معه في أي مكان يذهب اليه ولا يحتجب عني سواء ذهبت إليه ليلاً أو نهاراً, حتى وهو مريض كان يبقى معي حسبما أريد, ومكتبته مفتوحة لي، وقبل وفاته أوصى أبناءه بأن آخذ ما أريد من المكتبة, ثم إذا أرادوا أن يبيعوا منها ما يشاءون فليفعلوا، وقد تطبعت بكثير من صفات الأستاذ مصطفى السقا، فأنا اعتقد أن النظام هو طابعي الذي لا اتنازل عنه على الاطلاق, وحياتي مرتبة تماماً، وكذلك عملي مرتب ووقتي كله مخصص للعمل من قراءة وكتابة واستفادة وتردد على المكتبات المختلفة خصوصاً دار الكتب، فقد كان الأستاذ مصطفى السقا يفعل هذا كله، وأنا مثله أيضا في حب العمل في المخطوطات”.
وفي كلية الآداب صاحب فيها كوكبة من الأصدقاء الذين صاروا نجوماً، على رأسهم: عبد الحميد يونس، وشكري محمد عياد، ولطفي عبد البديع، ويوسف خليف، وأمال فهمى، وناصر الدين الأسد، وإحسان عباس، وشاكر الفحام، وعزالدين إسماعيل، ونعمان طه، وعواطف البدري(2).
في الإذاعة المصرية:
تخرج الدكتور حسين نصار في قسم اللغة العربية واللغات الشرقية عام 1947 مع درجة الشرف الثانية، وبعد التخرج عين مذيعاً بالإذاعة المصرية، وكان عبد الوهاب يوسف رئيس قسم المذيعين، وعلى الراعي كبير المذيعين، وأنور المشرى المذيع الأول، ومعه زملائه: صفية المهندس، وتماضر توفيق، وعواطف البدرى .. في تلك الأثناء حصل على الماجستير عام 1949، بتقدير جيد جداً في موضوع: “نشأة الكتابة الفنية في الأدب العربي”، بإشراف الأستاذ الكبير والمحقق القدير مصطفى السقا، الذي شمله برعايته وأرشده إلى أقوم طريق. بعدها أنتقل للعمل في كلية الآداب معيداً، اعتباراً من شهر نوفمبر 1950 ، ثم معيد (أ) اعتباراً من 18فبراير 1952، حيث كان نظام المدرس المساعد لم يتواجد بعد في الجامعة، ثم حصل على الدكتوراه عام 1953 في موضوع “المعجم العربي – نشأته وتطوره” بأشراف الأستاذ السقا أيضاً، وهذا الموضوع لم يسبقه فيه أحد من قبل، وأستفاد منه كل المشتغلين الذين أتوا بعده، ثم عين مدرساً اعتباراً من 15 أغسطس 1954، وفي تلك الأثناء جاء إلي مصر المحقق الكبير أحمد عبد الغفور عطار للبحث والتحقيق، ونشر العديد من كتب التراث المهمة، برعاية ودعم مالي من رجل الأعمال السعودي حسن شربتلي، وكان أن أعجب بموضوع الدكتوراه، فنشره في مشروعه، ثم رقى إلى أستاذ مساعد اعتباراً من 20 ديسمبر 1961، ثم أستاذاً للأدب المصري في العصر الإسلامي اعتباراً من 11فبراير 1969، وقد تولى رئاسة قسم اللغة العربية بآداب القاهرة مرتين، الأولى اعتباراً من 24أكتوبر1972، مرة ثانية اعتباراً من 18أكتوبر 1984، ثم وكيلاً لكلية الآداب جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحوث، اعتباراً من 28 سبتمبر1975، ثم عميداً لها اعتباراً من 24 سبتمبر 1979، إلى 24سبتمبر 1982، ثم أستاذاً متفرغاً للأدب المصري، اعتباراً من 1985(3).
وقد تعدد نشاط الدكتور حسين نصار، فاختير عضواً بالعديد من المجالس العلمية والجمعيات المختلفة، مثل: المجلس الأعلى للصحافة، واتحاد الكتاب وأمينه، والجمعية الأدبية المصرية ورئيسها، والجمعية اللغوية المصرية ورئيسها، وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، ولجنة التراث في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، ولجنة الدراسات الأدبية واللغوية ورئيسها بالمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس القومي للترجمة..كما اختير عضواً مراسلاً للمجمع العلمي العراقي ببغداد، ومجمع اللغة العربية بدمشق(4).
مؤلفاته:
أثرى الدكتور حسين نصار المكتبة العربية بعشرات المؤلفات التي تنوعت بين التأليف والتحقيق والترجمة، ومن الكتب المؤلفة نذكر: “نشاة التدوين التاريخي عند العرب”، و”معجم آيات القرآن”، و”نشأة الكتابة الفنية في الأدب العربي”، و”المعجم العربي نشأته وتطوره”، و”يونس بن حبيب” في سلسلة “أعلام العرب”، و”ظافر الحداد شاعر مصري من العصر الفاطمي”، و”أمين الخولي”، و”الإعجاز العلمي في القرآن الكريم”، و”فواتح سور القرآن”، و”في الأدب المصري”، و”المختار من شعر ابن الرومي”، و”طه حسين تصورات ومواقف”، وغيرها.
ومن تحقيقاته نذكر: “ديوان سارقة البارقى”، و”ابن وكيع التنيسى شاعر الزهر والخمر”، و”رحلة ابن جبير”، و”ديوان عبيد بن الأبرص”، و”ديوان جميل”، و”المحكم، لابن سيده بالاشتراك مع الأستاذ مصطفى السقا”، و”ولاة مصر، للكندي”، و”قيس ولبنى، ديوان قيس بن ذريح”، و”مختار الأغاني في الأخبار والتهاني، لابن منظور ج8″، و”الوقف على كلا وبلى في القرآن الكريم، لمكي بن أبى طالب القيسي”، و”ديوان ظافر الحداد”، و”تاج العروس من جواهر القاموس، للزبيدي ج 6، ج13، و”النجوم الزاهرة في حلي حضرة القاهرة، لابن سعيد”، و”معجم تيمور الكبير 5 أجزاء”، وديوان ابن الرومي 6أجزاء”، و”العاطل الحالى والمرخص الغالي، لصفي الدين الحلي”، و”ديوان أبي الصوفي سعيد بن مسلم العماني”، و”نهاية الأرب، للنويري ج24، و”أخبار مصر، للمسبحي ج40″، و”المختار من الموشحات، لمصطفى السقا”، و”ديوان ابن مطروح”، و”أخبار قضاة مصر، للكندي”.
وساهم حسين نصار في ترجمة بعض الكتب التي سدت ثغرة كانت موجودة في المكتبة العربية ، بدأ اهتمامه بالترجمة من نقطه اهتمامه باللغة العربية، وهذا يتجلى واضحاً في ترجمته مؤلفات لكبار المستشرقين، ليقدمها لقراء العالم العربي، من أجل أن تفتح أمامهم أفاقاً جديدة في مواطن الدراسة العربية، وظهرت مهارته في ترجمة كتاب “المغازى الأولى” للمستشرق “يوسف هورفتس” عام 1949م، و”دراسات عن المؤرخين العرب” للمستشرق “مرجليوث”، ومقدمة المستشرق “تشارلز ليال” التي قدم تحقيقه لـ”ديوان عبيد بن الأبرص”، و”أرض السحرة” لبرنارد لويس، و”ابن الرومي حياته وشعره ” للمستشرق روفون جت، وقد كان حسين نصار يرجع إلى المصادر العربية المطبوعة والمخطوطة التي يترجمها المستشرقون إلى الإنجليزية من مصادرها العربية. ولم يترجم كتب الأدب فقط، بل تجاوزها إلى ترجمة عدة كتب في الموسيقى العربية ألفها الأيرلندي جورج فارمر (ت 1965م)، وهى: “تاريخ الموسيقى العربية حتى القرن الثالث عشر”، و”الموسيقى والغناء في ألف ليلة وليلة”، و”مصادر الموسيقى العربية”(5).
حسين نصار وتحقيق التراث:
عندما كان الدكتور طالباً بالكلية وجد أساتذته أمثال: مصطفى السقا، وشوقي ضيف يرددون كلمة التحقيق كثيراً، ثم عرضا عليه أموراً تتصل بالتحقيق، وعندما كان يذهب إلى دار الكتب يجدهما يعملان بالمخطوطات، وكان أن اتصل بهما، وعرف ماذا يفعلان.. منذ ذلك الوقت أتصل بالأستاذ السقا ينهل من علمه ويستفيد من طريقته حتى توفي في 1969، بل أختاره مشرفاً على رسالتيه للماجستير والدكتوراه – كما أسلفنا – وإن كانتا لا تمت للتحقيق بصلة، وكان أول حققه هو “ديوان سارقه البارقي” وهو شاعر من العصر الأموي.. حققه وكان ما يزال طالباً، ثم عاد للتحقيق ثانيةً بعد أن عين مدرساً بالجامعة. وأخرج الأعمال الكبيرة والضخمة منها: “ديوان ابن الرومي” في ستة مجلدات، أشترك معه محققين من مركز تحقيق التراث بدار الكتب، وكانت في هذه الأيام تقع بباب الخلق، وتوالت الأعمال مثل: “معجم أحمد تيمور” في ستة مجلدات، وكتاب “ولاة مصر” لابن الكندي (ت350هـ)، واعتمد في تحقيقه على النسخة الوحيدة الموجودة بالمتحف البريطاني، وحقق أيضاً “رحلة ابن جبير”، والجزء (24) من كتاب “نهاية الأرب في فنون العرب” للنويري، كما وحقق دواوين: “جميل بثينة”، و”قيس بن ذريح” و”ابن وكيع التنيسي”، و”ديوان ظافر الحداد”، وقدم لهذه الدواوين بدراسات عن هؤلاء الشعراء.
وعن جهود المستشرقين في تحقيق التراث، يقول الدكتور حسين نصار: “أفادوا في مناهج تحقيق التراث على النمط الحديث، وهم في الأساس يعملون لبنى أوطانهم وبني جلدتهم، ولن يعرضوا حلولاً إسلامية، ومن يتوقع آراءً إسلامية، يكون مخطئاً، وقد كان منهم المنصف ومنهم المغرض”(6).
ويعد الدكتور حسين نصار من شوامخ المحققين فهو امتداد للعظماء من المحققين فى هذا المجال فقد حقق أعمالاً تاريخية وأدبية ولغوية، وتمكن من انجاز الكثير منها، والحصول على النسخ المخطوطة واللازمة لعملية التحقيق، فحقق “النجوم الزاهرة في حلي حضرة القاهرة” لعلي بن موسي بن سعيد المغربي، وهو الجزء الخاص بالقاهرة من موسوعة ابن سعيد، (المتوفى سنة 685هـ)، وبه يكتمل القسم الذي أفرده المؤلف الأندلسي لمصر. حقق أيضاً “ولاة مصر” لمحمد بن يوسف الكندي (ت350هـ)، واعتمد في تحقيقه للكتاب على النسخة المخطوطة الوحيدة المحفوظة في المتحف البريطاني، وعلى المطبوعة التي أنجزها “روفن جست”، غير أن هذه المخطوطة كانت حافلة بالأخطاء، مما حمل حسين نصار على إعادة نشرها وتصحيح ما وقع فيها من أخطاء، وقد قدم لها بمقدمة تحدث فيها عن الكندي ومؤلفاته ومنهجه في التأليف والرواة الذين اعتمد عليهم في كتابه. ويبدو في هذه النشرة الجديدة ما تكبده المحقق من عناء في عمله. وهو ما نجده أيضا في تحقيقه ـ لـ«رحلة ابن جبير» ـ (ت. 614هـ)، وهي من أهم كتب الرحلات العربية وأغزرها فوائد، قام بها الرحالة الأندلسي من ساحل الاندلس بحراً حتى الاسكندرية، ثم جاب بلاد المشرق وفلسطين والشام والعراق ومصر، وحققت هذه الرحلة لأول مرة عام 1852، وقام بها “وليم رايت”، معتمداً على النسخة الوحيدة الموجودة في مكتبة جامعة ليدن ـ هولندا ـ وطبعت نقلاً عن الأوروبية في نشرة سقيمة مشوهة، وقام حسين نصار بإعادة نشر الرحلة بعد أن حصل على نسخة مخطوطة أخرى في المغرب، وأتم مقابلتها وتصحيحها وألحق بها الفهارس المفصلة، ومنها الجزء «24» من كتاب “نهاية الأرب في فنون الأدب” لشهاب الدين النويري(7).
ويتفق منهج د. حسين نصار في تحقيق التراث التاريخي، مع القواعد العلمية المنهجية لتحقيق النصوص التراثية كما وضعه المستشرق الألماني “برجستراسر” في كتابه “أصول نقد النصوص ونشر الكتب”، وعبد السلام هارون في كتابه “تحقيق النصوص ونشرها”، فهو يراجع الكتاب على نسخه المتاحة، وعلى أمهات المصادر التاريخية لإكمال الساقط وتوضيح الغامض وإثبات الاختلاف، وتفسير الكلمات الغربية(8).
كما ساهم حسين نصار في إبراز دور مصر الأدبي والثقافي في العصور الإسلامية،استكمالاً لرسالة الأعلام الذين سبقوه، مثل: أمين الخولي، ومحمد كامل حسين (وهو غير الأديب وأستاذ الطب محمد كامل حسين صاحب”قرية ظالمة”) ، فعمل العديد من الدراسات في هذا المجال إلى أن عمل أستاذاً للأدب المصري في العصور الإسلامية 1969، وحقق كتبا تتصل بمصر وآدابها، مثل: “النجوم الزاهرة في حُلى حضرة القاهرة” لابن سعيد الأندلسي، و”ديوان ظافر الحداد”، الشاعر السكندري الذي عاش في الدولة الفاطمية، والجدير بالذكر أن الأستاذ أمين الخولي أول من تبنى ونادي بتدريس أدب مصر الإسلامية إن لم يكن له أي أثار حول هذا الموضوع، وتبعه في ذلك محمد كامل حسين، وعبد اللطيف حمزة.. فلهم الآثار الجليلة القدر.. وأوضح الدكتور عوض الغباري فى دراسة له بعنوان “حول منهج دراسة الأدب المصري- فكرة الإقليمية” أن تصور الدكتور حسين نصار لقضية الاقليمية في الأدب عند دراسته للأدب المصري، كان تصوراً موضوعياً في كتاباته المختلفة، بحيث لم يهدر خصوصية الابداع الأدبي لحساب الاقليمية، بل وضعها في سياقها حركة من حركات تطور الأدب العربي، ويحسب لحسين نصار اهتمامه بأدب مصر الاسلامية الذي ظل بعيداً عن دائرة الاهتمام زمناً طويلاً مقارنة بما ناله الأدب العربي الاقليمي في المغرب والأندلس من اهتمام الباحثين بالدراسة والنشر والتحقيق(9).
وقد عمل رئيساً لقسم اللغة العربية 1972، وفى سنة 1975 اختاره الدكتور محمد صبحي عبد الحكيم وكيلاً لكلية الآداب للدراسات العليا والبحوث، والدكتورصبحي من الدفعات التالية له في التخرج هو وجمال حمدان، وسيد يعقوب بكر، وصلاح الدين الشامي، وهناك واقعة طريفة (حكاها لي أستاذنا الدكتور حسين نصار)، هو أنهم جميعا حصلوا على الدكتوراه في عام واحد، وظلوا معيدين بالدكتوراه، ولم يعلن العميد عن درجات شاغرة حتى تولى العمادة الأستاذ الدكتور يحيى الخشاب، وأصدر قراراً بتعيينهم جميعاً، قد خلف الدكتور صبحي في عمادة الكلية عام 1979.
في أكاديمية الفنون:
وهناك مفارقة في حياة الدكتور حسين نصار، وهى عمله بالإذاعة، ثم بالتدريس في الجامعة، ثم في مجال تحقيق التراث، وعميداً لكلية الآداب، وأخيراً رئيساً لأكاديمية الفنون، فهذه الوظائف ليس بينها رابط، وبالرغم من هذا، فقد برع في كل هذه المهام والمجالات.
وجاء تعيينه رئيساً لأكاديمية الفنون بالصدفة، فأثناء عمله عميداً لكلية الآداب، قام بعمل احتفالية عن طه حسين، اشتملت على دراسات أدبية ونقدية وقصائد شعر، ومسرحية ألفها الثنائي الكبير محمد عناني، وسمير سرحان، عن أزمة كتاب “في الشعر الجاهلي” لطه حسين، وقدمت الأبحاث والأشعار بالكلية، أما المسرحية فعرضت بالمسرح القومي بحضور منصور حسن وزير الثقافة والإعلام، الذي أعجب بالليلة وبالتنظيم الذي قدمت به، ففكر في أن ينتدبه رئيساً لأكاديمية الفنون، وخاصة وأن فترة الأستاذ الدكتور رشاد رشدي قد قاربت على الانتهاء، وأثناء عمله بالأكاديمية وضع قانوناً لها، وافق عليه مجلس الشعب شبيها بقانون الجامعة.
والدكتور حسين نصار هو مقرر لجنة الدراسات اللغوية والأدبية بالمجلس القومي للثقافة والفنون ولآداب والإعلام، ومستشار رئيس دار الكتب عن مركز تحقيق التراث، وعضو في المجلس الأعلى للثقافة، وعضو اتحاد الكتاب.
وخلال رحلته حصلت على تكريم مصر والدول العربية وأهمها: جائزة الدولة التقديرية في الآداب 1986، وجائزة الملك فيصل العالمية فى الآداب 2004، وجائزة الرئيس مبارك في الآداب 2006.
رحل الدكتور حسين نصار بعد رحلة حافلة من العطاء يوم الأربعاء الموافق / 11 ربيع الأول 1439 هـ – (29 نوفمبر 2017م)
المراجع والهوامش:
- أبو الحسن الجمال، “حوار مع الدكتور حسين نصار ” في مجلة العربي الكويتية، عدد (695)، أكتوبر 2016، ص69.
- المرجع السابق، ص70.
- حسام عبد الظاهر، “العطاء العلمي والثقافي للدكتور حسين نصار”، دار الكتب المصرية، 2015، ص17-20.
- حسام عبد الظاهر، المرجع السابق، ص 20.
- المرجع السابق، ص33-42.
- أبو الحسن الجمال، حوار حسين نصار، مرجع سابق، ص72.
- سيد البحراوى، حسين نصار المحقق، ضمن كتاب شوامخ المحققين، جـ (2)، إعداد حسام عبد الظاهر، دار الكتب، 2008، ص 235.
- سيد البحراوي، المرجع السابق، ص236.
- عوض الغبارى، “حول منهج دراسة الأدب المصري- فكرة الإقليمية” ضمن كتاب ثمرات الامتنان، دراسات أدبية ولغوية مهداة إلى الأستاذ الدكتور حسين نصار لبلوغه الخامسة والسبعين، أعدها وأشرف عليها عادل سليمان جمال، مكتبة الخانجي، القاهرة، 2002.