في أدبيات الصحافة جملة شهيرة تتردد على لسان الكثير من الصحفيين، ومفادها أن “الخبر ليس في كلب عض رجلا ولكن الخبر في رجل عض كلبا”، ورغم انتشار هذه الجملة أو المقولة التي ترى الصحافة وموضوعاتها وأخبارها في مجالات “الإثارة” فقط، إلا أن خبراء وأساتذة الصحافة انتقدوا هذه الجملة المشهورة والمتداولة على نطاق واسع، ويرون أن الصحافة أكبر وأشرف من ذلك بكثير، فموضوعاتها تتنوع بتنوع المجتمعات، وقيمتها تبرز في أنها تهتم بالفكر والثقافة والتعليم وتنوير أفراد المجتمع، وإضاءة الجوانب المعتمة في المجتمعات وعدم تضليل أفرادها، إضافة إلى موضوعات التسلية والترفيه ولكن بشرط أن لا تأخذ هذه الموضوعات حيزا أكبر من مساحات الصحف أو من مساحات وسائل الإعلام الأخرى، حتى لا تتحول إلى صحافة إثارة أو صحافة صفراء، لا هم لها إلا نشر الموضوعات قليلة أو معدومة القيمة، دون رادع من ضمير مهني أو ضمير إنساني، ويكون همها الاتيان بالخبر ونشره أو إذاعته ولو على حساب قيم المجتمع، أو على حساب “اسم وقيمة” الصحفي أو الإعلامي الناشر للخبر أو مذيعه على الفضائيات!!
تقابل الجملة الشهيرة السابقة جملة أخرى تقلل مما تنشره الصحف وهي جملة “كلام جرايد”، وهي جملة لم يقلها خبراء وأساتذة الصحافة ولا الصحفيون، وإنما يرددها الجمهور الذي لا يثق في أي صحيفة أو وسيلة إعلامية تستخف بعقله أو تستغفله أو تسطح تفكيره!!.
مع دخول عصر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، بدأت الصحافة المصرية والعربية الورقية تدخل حلبة المنافسة معها، والعمل باجتهاد لاجتذاب جمهور جديد من الشباب المعني بالأخبار الخفيفة والسريعة “التيك أوي”، على غرار الوجبات السريعة التي أدمنوها، وهم يختلفون عنا نحن “الشباب الكبير في السن” الذي يبحث عن الموضوعات المهمة وذات القيمة ولا يستطيع التخلي عن ذلك البحث، مثلما يدمن أكل البيت ولا يقبل على الأكل “التيك أوي” إلا قليلا!!
خلال الفترة الماضية دأب الإعلام والصحف على إذاعة ونشر أخبار كل ما من شأنه الإثارة وجذب القارئ بأي طريقة، وكان الفنانون والفنانات مادة الأخبار والموضوعات خاصة الموضوعات الأسرية أو الزوجية وليست الموضوعات الفنية، فبرزت ظاهرة الأزواج “المفترين” على زوجاتهم وبطلتها الفنانة شيرين عبد الوهاب وزوجها حسام حبيب الذي أجبرها – كما روت هي- على النوم على الكنبة لمدة أربع سنوات، ثم قامت بحلاقة شعرها والظهور “بلوك جديد” على جمهورها، ولا ندري سببا مقنعا لفعلتها تلك، هل لتعيد أيام مجدها وتألقها أم ليشفق عليها هذا الجمهور ومن يحب أغانيها أو الاستماع إليها؟!!. بالتوازي مع أخبار الأزواج المفترين على زوجاتهم برز على السطح أخبار الأولاد العاقين لوالديهم ومنهم “ابنة الفنان رشوان توفيق وابن الفنانة شريفة ماهر”، ثم نقل الإعلام والصحف البوصلة من يومين بنشر أخبار الزوجات “النكديات” واللاتي لا يفوتن فرصة أو مناسبة بدون “عكننة” أيام وليالي الزوج، بدأها الفنان مصطفى فهمي باتهام زوجته اللبنانية أنها تسببت في “التنكيد” عليه، رغم أننا كنا نشاهد ما “يشيرونه” من صور وفيديوهات هو وأخوه حسين فهمي وهما في “قمة السعادة” مع زوجتيهما، وكانا يروجان لهذه السعادة من خلال الصحف ووسائل الإعلام، وما علينا نحن القراء والمشاهدين إلا أن نقول “سبحان مغير الأحوال وسبحان من يغير ولا يتغير”، والسؤال المهم هنا هو ما ذنبنا وذنب الناس في نشر افراحكم ثم نكدكم؟ وكيف تحولتم من نجوم تلمع وتدهش المشاهد بأعمالكم والقارئ بأخباركم الفنية إلى “نيازك” تضربون بها أدمغة المشاهدين والقراء!!.
ودعما لأخبار النكد قرأنا مع أخبار الأستاذ مصطفى فهمي خبرا عن قيام زوجة “عادية” بطعن زوجها بسبب خلاف على مصروف البيت!!. ما أخشاه أن تقوم الصحف بإكمال جميلها معنا نحن القراء وتفاجئنا بأخبار تتوالى عن تلك السيدة التي أكلت ذراع زوجها بسبب أن أكلها لم يعجبه!!
15 2 دقائق