أهم الأخبارزاوية المرسال

الصوفية وسعيهم في الأرض من أجل الرزق

الصوفية وسعيهم في الأرض من أجل الرزق :
وقد يتساءل البعض : هل كان الصوفية يعملون ، ويضربون في الأرض من أجل كسب الرزق الحلال الطيب ؟ : ونبتدئ في هذا بذكر بعض ألقاب الصوفية : القصار ، الوراق ، الخراز ، الخواص ، البزاز ، الحلاج ، الزجاجي ، الحصري ، الصيرفي ، المقرئ ، الفراء ، (نلاحظ أن ألقابهم تدل على أعمالهم ، وبمعنى آخر فإن هذه الألقاب مأخوذة من مهن كانت لهم )
ولقد كان الصوفية كغيرهم من الناس ، منهم الفقير ومنهم الغني ، ومنهم العازف عن الراء العريض ، ومنهم أصحاب الثروات الضخمة ، التي يؤد فيها حق الله تعالى ، وينفقون منها في سبيله ، إنهم يؤتون حق المال يوم حصاده ، وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم .
ونحب أن نشير هنا وقبل أن نسترسل في كلامنا : كان الصوفية يؤمنون تمتم أن التوكل الحق على الله تعالى جزء جوهري من الإيمان الحقيقي ، الإيمان الذي لا يستكمل إلا بالسعي في الأرض من أجل الرزق الحلال الطيب ، ومثلهم الأعلى في ذلك رسول الله محمد (عليه الصلاة والسلام ) الذي كافح وناضل وسعى من أجل الرزق الحلال الطيب ، فالإسلام دين يؤمن بأن العمل حق وشرف وكرامة به تكون إنسانية الإنسان ، لا يهم نوعية العمل الذي نؤديه المهم أن يكون هذا العمل شريفًا مفيدًا للمجتمع .
وهذا مثلاً : أبو الحسن الشاذلي ، وهو من صفوة الصفوة الصوفية ، وكانت له مزارع شاسعة ، ونقول (مزارع) بالجمع لنتابع في هذا التعبير حديث المؤرخين عنه ، وكان له حصاد ، ودراس .. وكانت له ثيران .. وكان يتاجر ..
ومن دعائه المشهور : ” اللهم وسع علي رزقي في دنياي ، ولا تحجبني بها عن أخراي ” ، ومن دعائه بشأن الدنيا : ” اللهم اجعلها في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا ”
والفرق بين الصوفية وغيرهم في هذا الصدد هو أن الدنيا لا تستعبدهم مهما كانت الظروف والأحوال ، وإنما تستعبد غيرهم من الذين تغرهم الدنيا ومفاتنها فتتحكم فيهم ومن المحال أن يتحرروا من عبوديتها .
إنهم لا يلقون بقيادهم إلا لباريهم وخالقهم الأعظم سبحانه وتعالى ، فلا يلقون بقيادهم إلى مال أو جاه ، أو منصب أو رئاسة ، أو غير ذلك من أمور فانية زائلة يزل لها أهل الدنيا ، وأهل الأهواء ، الذين يتخذون دنياهم ، وأهواءهم آلهة يعبدونها من دون الله ..
إنهم أغنياء أو فقراء تحققوا بقوله تعالى : { لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } [ الحديد : 23 ]

زر الذهاب إلى الأعلى