دعني اليوم أتحدث عن شخصية تعد من أعظم شخصيات التاريخ علي مر العصور وأكثرها إثارة للجدل وهي شخصية محمد بك الألفي .
– فمن هو محمد بك الألفي ؟
أنه الأمير المملوكي “محمد بك الألفي” الذي فر إلى الصعيد مع قدوم الحملة الفرنسية وظل هناك إلى أن جاء “محمد علي باشا” إلى مصر وقد توفى عام 1807م.
ويعد محمد بك الألفي أخر أمراء المماليك فى مصر فكان إغتياله يعد كنهاية لحكم المماليك في مصر ، وقد كان “محمد بك الألفي” أحد المماليك التابعين ل “مراد بك” .
وقد جلبه إحدى التجار إلى مصر عام 1189هـ ويعد من الشخصيات المثيرة للجدل فيقال أنه أوشك أن ينتزع الملك من “محمد علي” .
وقد اشتهر” الألفي “شهرة عظيمة حتى إن الدولة العثمانية كانت لا تخاطب غيره رغم أن “محمد علي” كان واليًا على مصر وكان له قصر يقع بجانب الشارع الذي سمى بأسمه الآن وكان القصر يقع أمام بركة الأزبكية التي ردمها الخديوي “إسماعيل” بعد ذلك وجعلها حديقة عندما أنشأ “دار الأوبرا” .
أما عن شخصية “محمد بك الألفي” فقد تحدث عنه الجبرتي وقال أن عقله قد تَرَزن بحب العلوم والكتب العلمية وانهضمت نفسه وقد تعلق قلبه أيضآ بمطالعة تلك الكتب والهندسيات من حيث الأحجام النجومية الخاصة بعلم الفلك وأشكال الرمال والتقاويم الميلادية والهجرية وعلاقتها بنجوم الفلك والفضاء ومنازل القمر .
وقد كان يسأل بأستمرار عمن له إلمام بذلك ليستفيد منه وقد أقتنى كتبًآ كثيرة في أنواع العلوم والتواريخ وقد أعتكف بداره ورغب في الانفراد بنفسه وترك الحالة التي كان عليها قبل ذلك.
أما عن شارع الألفي فيتميز هذا الشارع بأنه يجمع مابين الرقي والفخامة الفنية وعبقرية الفن والديكور علي مدي التاريخ .
فيطل علينا بشوارع وبنايات القاهرة الخديوية بوسط العاصمة التي أسسها الخديوي إسماعيل والتي لا تقل جمالاً عن باريس عاصمة الفن والأبداع كذلك القاهرة الخديوية والتي كانت تقارن بها من جمال ورقي وعظمة المباني بها من حيث التراز العثماني أو المملوكي أو الفرعوني .
وبنظرة متعمقة لهذه الشوارع نجد “شارع الألفي بك” صاحب التاريخ الطويل حيث عاصر الشارع أحداث تاريخية وفنية كان لها تأثيرًا كبير في تشكيل وجدان المصريين فنيًا وسياسيًا .
موقع شارع الألفي :
يقع شارع الألفي بين ميدان عرابي وشارع الجمهورية وهما في نفس ذات الوقت بالقرب من ميدان العتبة وهو العصب الرئيسي لقلب القاهرة الخديوية حيث الأبداع والفن المعماري الفريد.
ويتميز شارع الألفي حاليًا بأنه الوحيد الذي لا تعبره السيارات وفقًا لقرار صدر في منتصف التسعينات حيث أنه يعتبر من أهم الشوارع الهامة بوسط المدينة وفقآ لتاريخة العظيم وموقعة المتميز فقط تحول بعد ذلك لممر شهير ومتنزه للبسطاء من شعب مصر، لكن ما يجهله الكثيرين هو تاريخ هذا الشارع العريق الذي يؤكده مبانيه القديمة ومنشآته الشهيرة حيث يعود تاريخ شارع الألفي في وسط البلد إلى عهد الخديوي توفيق والذى سماه في بداياته بشارع التوفيقية حتى عام 1906 م ثم تغير أسمه لــ” شارع الألفي”.
وقد إكتظ الشارع قديمًا بالمحال التي يمتلكها أرباب الحرف الأساسية ومنها تصفيف الشعر والرسامين وصناع التحف والزينة والعجانين من صانعي الفطائر والحلوى ومحلات الحياكة أيضآ.
ولكن مع مرور الزمن تلاحظ تغيير نشاط تلك المحال لتتحول إلي مقاهي بلدي .
وقبل فترة ليست ببعيدة كان خط الترولي يمر بالشارع قادم من العتبةمرور إلى ميدان الجيزة وبجانب وجود موقف الأوتومبيلات.
قصة قصر الألفي مع نابليون :
يظل اسم الألفي مرتبط بقصره بالأزبكية وهو القصر الذي كان أعجوبة عصره بما يحتويه من أعمدة رخامية ونوافذ من الخشب الثمين وتحف ونجف جاءته كهدية من بعض أثرياء أوروبا .
وعندما أنتهي الألفي بك من بناء القصر فقد جاءت الحملة الفرنسية على مصر بعد ذلك ليختار نابليون قصر الألفي للإقامة فيه طوال فترة تواجده في مصر وكان هناك بستان في هذا القصر كان المسرح الذي شهد فيه قتل الجنرال “جان بابتيست كليبر” وهو قائد حمله نابليون الفرنسية علي يد سليمان الحلبي .
فقد وضع الألفي تصميم قصره الهندسي بنفسه ورسم له صورة في ورق كبير وقد كلف أحد أمرائه بتنفيذها وعندما حضر وجد خطأ قد حدث في الرسومات الهندسية والتي قد حددها بنفسه لمن نفذ هذا التصميم فقرر هدم أغلب ما بُنى وأعاد تصميمه ثانيآ وأوقف أربعة من أمرائه على البناء وكان كل أميريقف على جهة من جهاته الأربع أثناء التنفيذ .
وأقام الألفي في قصره ستة عشر يومًا من آخر شهر شعبان 212هــ إلى منتصف شهر رمضان ثم ذهب إلى مقر حكمه في محافظة “الشرقية”وأصبح القصر في عهد “محمد علي” مقرًا لمدرسة “الألسن” والتي أنشأها “رفاعة بك رافع الطهطاوي” حتى احترق القصر في حريق القاهرة 26 يناير 1952م وأُقيم على أنقاضه فندق “شبرد” بعد ذلك .
معالم شارع الألفي :
• ملهي شهرزاد : قد أسسته الفنانة “فتحية محمد” حيث كان ذلك أهم مكان لتخريج فناني المنولوج والغناء والرقص على مدى عقود طويلة بدأ من بديعة ماصبني وإسماعيل ياسين وشكوكو ومحمد رشدي ونجوى فؤاد وزينات صدقي وصولآ إلي الراقصة هياتم وأحمد عدوية ومها صبري في ثمانينات القرن الماضي.
• مطعم تيفيرنا : قد أسسه تاجر يوناني يدعى “تيفيرنا” وظل يحمل أسمه حتى الآن .
• مطعم الألفي بك : هناك أيضآ مطعم الكباب الشهير «الألفي بك» الذي أسسه الحاج عبد القوى عام 1938م وكان ملتقى الباشوات والبكوات ورجال الدولة وقد كان شاهدًآ على أحداث فنية بارزة ولا يزال هذا المطعم محتفظًآ حتى الآن برونقه وأناقته رغم مرور الزمن.
• مسرح نيو أريزونا : شهد هذا المسرح قديمًآ أروع العروض المسرحية للفنان العظيم نجيب الريحاني والفنان العظيم يوسف بك وهبي في بدايتهم الفنية أنذاك .
• عمارة عدس : تلك العمارة التي كانت ذو تصميم فريد من نوعها ومختلف عن التصميمات الأخري ويقال أنها كانت ملكآ لرجل مصري يهودي يدعى «داوود عدس» وكان من كبار التجار المصريين في ذلك الوقت .
• فندق شيبرد : وقد أسس هذا الفندق الشهير عام 1841 م مستر “صامويل شبرد” وتحت مسمي أسم فندق بريطاني في ذلك الوقت حيث كان في قصر “محمد بك الألفي” الذي إتخذه بعد ذلك قائد الحملة الفرنسية مقرًا لقيادة الحملة الفرنسية ثم تحول إلى مدرسة الألسن وأغلقت في عهد عباس الأول وموقعه كان على حافة بركة الأزبكية عند تقاطع شارعي الألفي والجمهورية حاليًا.
وسيظل ذلك الشارع العريق دليلآ علي جمال الفنون في ذلك العصر وشاهدآ علي عظمة هذا الرجل ومدي براعته في تحضير عظمة الفنون في العصر المملوكي مرورآ بالعصر العثماني وحتي وصولآ إلي العصر الحديث فهوا وأن دل يدل علي مدي براعة الألفي في ربط الماضي بالحاضر إلي مدي الأجيال .