خالص التحية لهم في عيد النصر، بعض من الذكريات:
بقلم أبو الحسن الجمال ..
أمضيت بالقوات المسلحة خمس سنوات.. منذ التحقت بكلية الضباط الاحتياط في مدينة فايد في 22 يوليو 1999، وتخرجت في الدفعة 118 ضباط احتياط في الخامس من يناير عام 2000، ثم التحقت بالفرقة الأساسية بمعهد المشاة لمدة ثلاثة أشهر، ثم فرقة أخرى لمدة شهر بمدرسة المعركة بفايد، لالتحق بعد ذلك بإحدى وحدات الفرقة 16 مشاه بالجيش الثاني الميداني، وهي مصنع الرجال والقادة،
فمنها خرج العشرات من القادة الكبار من أمثال: فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وكان وقت خدمتي يتولى قيادة اللواء 16 مشاه ميكانيكي، والمشير أحمد إسماعيل حيث كان قائداً للواء الثالث في حرب 1956، والفريق عبد رب النبي حافظ وكان قائداً للفرقة في حرب أكتوبر 1973
ثم تولى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة في بداية الثمانينات من القرن الماضي، كما خرج منها المشير محمد حسين طنطاوي وكان قائداً للكتيبة 16/اللواء 16/ الفرقة 16 في حرب أكتوبر 1973، واللواء الشهيد شفيق متري سدراك وكان قائداً للواء الثالث مشاه التي تنتمي إليه وحدتي العسكرية
وكان أول القادة الشهداء الذين كرمهم الرئيس محمد أنور السادات، وفي حرب 1948 كان يتولى قيادة كتيبتي القائمقام محمد كامل الرحماني، ثم تولى رئاسة الإذاعة بعد الثورة ثم سفير بوزارة الخارجية وقد حصل على الدكتوراه في التاريخ بإشراف الدكتور محمد شفيق غربال، وقد خدم فيها القائمقام عبد الرحمن زكي والف عنها كتاباً مهماً، وقد خدمت مع نخبة من القادة والضباط من أمثال:
قائدي الحبيب اللواء أركان حرب ناصر عاصي، مساعد وزير الدفاع، ورئيس هيئة التدريب للقوات المسلحة، وقائد الجيش الثاني الميداني الأسبق.. خدمت معه ثلاث سنوات عندما كان رئيس عمليات اللواء الثالث مشاة، ثم تولى قيادة كتيبتي بعد ذلك، وكنت مكيناً لديه، ويتعامل بتواضع جم مع الجميع جنوداً وضباطاً بأخلاق مصرية شرقاوية .. وظلت الاتصالات بيننا بعد خروجي من القوات المسلحة.. وهو الذي أغراني بالتجديد سنتين بعد انتهاء مدتي كضابط احتياط . بل كان يأخذ أوراقي لينجزها بنفسه …
والثاني هو اللواء أشرف عطية عبد الباري محافظ أسوان السابق: وعندما ذهبت إلى الكتيبة كان يشغل منصب رئيس عمليات الكتيبة برتبة رائد، ثم انتقل بعد ذلك ليعمل في شعبة التنظيم والإدارة بالجيش الثاني الميداني حتى تولى منصب رئيس الشعبة بعد ذلك ثم تولى منصب مدير إدارة التجنيد والتعبئة وكان قائداً حازماً وخصوصا في الأمور الإدارية، وكنت أزوره باستمرار في عمله بالجيش الثاني حتى خرجت من الخدمة وكان خدوماً يذلل لي كل العقبات..
والثالث: اللواء أركان حرب نبيل السيد حسب الله (رئيس هيئة العمليات للقوات المسلحة)، وكان وقت انضمامي للكتيبة يشغل منصب قائد سرية مشاه، ثم غاب عنا سنة ليدرس في كلية القادة والأركان ،وعندما عاد تولى منصب رئيس عمليات الكتيبة برتبة رائد، وكان شعلة نشاط على مستوى الإدارة والتدريب، وظل يترقى في المناصب حتى تولى قيادة المنطقة المركزية العسكرية ثم قائداً للجيش الثاني الميداني ثم رئيساً لهيئة العمليات….
وهناك العشرات من القادة ومن أحبهم إلى قلبي اللواء أركان حرب صلاح محمد عبد الحفيظ أبو شوشة رئيس أركان الجيش الثالث الأسبق، وتولى رئيس عمليات الكتيبة خلفا للرائد أشرف عطية بعد ستة أشهر من انضمامي إلى صفوف الكتيبة وبعدها ذهب ليدرس في كلية القادة والأركان وكانت الاتصالات بيننا لا تنقطع وأتذكر أنني يوم مغادرته للكتيبة حزنت عليه أشد الحزن، فطيب خاطري كل الضباط وكنت أسهر معه في مكتبه نتجاذب الحديث فيشرح لي التكتيك بأسلوب جامع مانع .. ثم نسترسل بعد ذلك في تاريخنا العسكري، وأذكر أنه جاء مع دفعته في كلية القادة والأركان ليستطلع في صحراء سيناء، ولما اقترب من وحدتنا أرسل إلي جندياً كان يعمل في كانتين بالقرب من الوحدة وذهبت للقائه، وكان لقاءً مشهوداً وأخذ يعرّفني على زملاء دفعته بكل فخر..
كما تعرفت على صديقي الحبيب اللواء نصحي وليم نجيب وقد تولى رئاسة عمليات الكتيبة بعد الرائد صلاح أبو شوشة وكان برتبة مقدم، ثم تقاعد بعد ذلك وكان آخر منصب تولاه مدير معهد ضباط الصف المعلمين ولا تزال الاتصالات والمراسلات بيننا لا تتوقف..
وكان من أصدقائي الضباط الصغار الملازم أول حازم إبراهيم حامد وكان يتعامل باحترام شديد وكان صديقاً عزيزا وقد ذهبت في عدة استدعاءات وكان يوفر لنا كل شيء من الإداريات.. وقد استشهد في سيناء منذ سبع سنوات وهو قائد لإحدى الكتائب وقد رقي إلى رتبة العقيد بعد استشهاده.. وصديقي الملازم رضا بدير نجم وهو الآن عقيد بمحطة المنصورة العسكرية وهو من أعز أصدقائي ولا تتوقف الاتصالات بيننا، وعرفت أيضاً الصديق العزيز الملازم أول أسامه عبد العزيز وهو الآن عميد بهيئة الرقابة الإدارية.. ومن الضباط الاحتياط عرفت الملازم أول احتياط عماد جلال -رحمه الله- وقد زارني في منزلي وزرته أيضا وزرته في عمله بمجلس المدينة بأبي قرقاص، وكان محبوباً من الجميع القادة والضباط والجنود وكان يتميز بخفة الدم كما كان من الضباط المتميزين ومحط إعجاب القادة .. والملازم أول خالد عبد الحفيظ منتصر من قلانش بديروط وكان من أقرب الناس إلى قلبي وقد زرته في بيته عدة مرات كما زارني هو أيضاً..
والحق يقال أن خدمتي بالقوات المسلحة قد صقلت شخصيتي وأضافت إلى خصالي الكثير والكثير، وتعلمت الكثير والكثير، وكنت اتمنى بعد تخرجي من كلية الضباط الاحتياط أن أخدم بمعهد اللغات ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فتم إلحاقي بالوحدة المشاة وكنت متضايقاً جداً في بداية الأمر، ولكن الله حببني في المكان الذي خدمت فيه أربع سنوات ونصف وعندما غادرته في يوم من خدمتي بكيت بكاءً حاراً، وأنا أودع جبل سحابة وجبل أم مرجم والطريق الأوسط طريق البطولات … وتعلمت الضبط والربط والانضباط الذاتي، ولما امتهنت الكتابة عن أعلام العسكرية المصرية وعن تاريخنا المجيد استفدت من خلال وجودي بالقوات المسلحة ومن خدمتي بالكتيبة العظيمة والتي يعود إنشائها إلى عصر محمد علي باشا… والآن اشتاق أن أمضي يوما في رحابها …
(الصورة الثالثة يوم احتفالية الانتهاء من الفرقة الأساسية بمعهد المشاة ويظهر في الصورة اللواء أركان حرب صبحي عياد مدير إدارة المشاه واللواء أركان حرب شكري محمد عامر مدير معهد المشاه وقد كان اللواء شكري قائدا لسرية مشاه في كتيبتي خلال حرب أكتوبر).