لم يخلوا مجتمعنا المصرى وخصوصا الريفى من شخصية الدرويش او الرجل البركة سواء كان رجل او امراءة وذهب الكثير منا بعقلية رجعية لأطلاق لقب العبيط او المجنون على كثير من اصحاب هذه الشخصيات وكم طارد اطفال القرية واحيانا المدن هؤلاء وقذفوهم بالحجارة خوفا ولهوا و رفضهم من المجتمع بدل عن أحتواءهم وعلى الرغم من أن السخرية من الأخرين وخاصة المرضي النفسيين تنافي ما تحس عليه الاديان فهى ظلم وأضهاد وعدوان على كرامة انسان مريض
ويعتبر فيلم خلى بالك من عقلك من أهم افلام السينما المصرية التى ناقشت قضية شائكة فى المجتمع المصرى وهى قضية المرض النفسى وأهمية الطب النفسى كتخصص طبى تجنبه الكثيرين من اصحاب المشاكل النفسية وذويهم خشية ردود الفعل المجتمعية وخشية اتهامهم بالجنون وهو ما أقدم عليه المؤلف من خلال الفيلم الذي تشعر مع مشاهدته أنه طبيب او معالج نفسى
يناقش الفيلم قضية سلوى ( شريهان ) التى قدمت شخصية مركبة وتفوقت فى تقديم دور المريضة بإحدى المصحات النفسية والتي كانت تقيم مع زوج أمها الذى يحاول الإعتداء عليها جنسيا فتصاب بصدمة شديدة تجعلها تفقد الثقة بالجنس الاخر وهو ما يطلق عليه الأطباء النفسين مرض ( عدم الامان الجنسى ) فتدخل مستشفى الأمراض النفسية ليشاهدها وائل ( عادل أمام ) طالب الدراسات العليا بكلية الأداب قسم علم النفس نهارًا وعامل بملهى ليلي مساء، يتعرف في المستشفى التي يتدرب فيها على (سلوى) التي ينجذب إليها ويقع في حبها، ويشعر بأن هناك حكاية كبيرة وراء دخولها المستشفى ويحاول أن يساعدها رغم كل العقبات التي تواجهه. ويتعاطف معها ويحاول كشف سر عقدتها و يعرف كل شيء عنها ويكتشف ان زوج امها الفنان حمدى أحمد السبب وراء كل هذا لرغبته في الاستيلاء على اموالها وهنا يزداد تعاطفه معها ويشعر بأنها ضحية
ويحاول اثبات ذلك لأستاذه الطبيب النفسى الكبير والذى قام بدوره الفنان جلال الشرقاوى ويحاول وائل الأرتباط بها ومساعدتها فى الأنخراط فى المجتمع ذلك المجتمع الذى لا يخلوا من السخافات وظهر ذلك من خلال الجار أحمد بدير الذى يحاول التحرش بها جنسيا وعندما يفشل يتهمها بالجنون فنجح المؤلف والمخرج وفريق العمل فى تقديم عمل جاد فى أطار كوميدى مصحوبا بموسيقى تصوريه كلاسيكية للمبدع عمر خيرت ويتخلله مجموعة من الافيهات المنطقية لشخصية ذلك الطالب
وينتهى الفيلم بزواج وائل من سلوى ويختم الفنان عادل امام فيلمه بمشهد رائع وهو مشهد ارتداء حلة فوق رأسه فى اشارة لتعايشه وقبوله لمرض سلوى وهى رسالة الفيلم
وينتهى الفيلم ولم تنتهى القصة فصناعة عمل درامى جاد فى أطار من الكوميديا كل ما يحتاج إليه هو مخرج جيد، و كاتب سيناريو بارع في إعداد حوارات ومشاهد مليئة بالافيهات والمواقف الكوميدية التي يمكن من خلالها تقديم هذا العمل ولكن التطرق لتلك المناطق النفسية التى يخشاها معظم الفنانين هو الأصعب لكن أمام فنان بحجم عادل امام وخفة ظله وشريهان وتمكنها من اداء دور فى غاية الصعوبة استطاع الاثنان اختراق ذلك الحاجز وأجبار المشاهد على التعاطف مع هؤلاء المرضى وعرض قضيتهم