وكما جاء على الصفحة الرسمية للنيابة العامة، وجَّه المستشار حمادة الصاوي النائب العام «إدارةَ التفتيش القضائي» بمكتبه، بتشكيل لجنة لاختصار الدورة المستندية بنيابات الأسرة على مستوى الجمهورية، والتي بموجبها أصدر النائب العام قرارًا بإلغاء العمل ببعض الدفاتر، ودمجها مع والعمل بدفاتر إلكترونية، فضلًا عن إصداره كتابًا دوريًّا بتعليمات معممة لأعضاء النيابة العامة على مستوى الجمهورية، تتضمن كيفية القيد بالدفاتر الجديدة المنشأة، وتلقي طلبات منازعات حيازة مسكني الزوجية والحضانة مباشرة، من دون اشتراط سبق اللجوء إلى جهة الشرطة، مع عدم الإخلال بحقهم في اللجوء إليها، فضلًا عن التوجيه بسرعة التحقيق في تلك الطلبات واستيفائها فور تلقيها إدراكًا منها للأهمية البالغة لسرعة فضِّ منازعات حيازة مسكني الزوجية والحضانة، وتسهيل إيتاء المرأة الحاضنة كل حقوقها من دون تحملها مشقة أو عناء؛ لما لذلك من تأثير مباشر في استقرار الأسرة المصرية، ومن ثَمّ المجتمع بأسره.
لاقى هذا القرار استحسان المهتمين بقضايا وحقوق المرأة؛ حيث قالت الدكتورة كريمة الحفناوى عضو الجبهة الوطنية لنساء مصر إن أي قرارات ومنها القرار الأخير للنائب العام بتسهيلات فيما يخص ما تتعرض له السيدات بعد الطلاق مثل حقها فى مسكن الزوجية إذا كانت حاضنة، نرحب بها ونتمنى المزيد من التسهيلات، ونثمن هذا القرار حتى نجنب المطلقات والأرامل التعقيدات التى يواجهنها داخل النيابات والمحاكم، والتى تؤدى إلى عدم حصولهن على مستحقاتهن لمدد طويلة قد تستمر سنوات، لكن ما أريد قوله ودائمًا أكرره وهو أن مثل هذه التسهيلات وميكنة الإجراءات يجب أن تراعى مساعدة العديد من الأهالى الموجودين فى قرى ونجوع مصر، الذين لا تتوافر لهم وسائل التكنولوجيا والإنترنت والتكنولوجيا الرقمية، فيجب التوعية بذلك بحيث نصل إلى إنفاذ القانون ووسائله بطريقة صحيحة وواقعية، وتضيف الدكتورة كريمة الحفناوى: صدور أي قرارات أو استصدار بعض القوانين الجديدة كما حدث من قبل شيء جيد، ولكنها تبقى قوانين تعالج جزئيات صحيح هى جزئيات مهمة، مثل الولاية التعليمية أو الرؤية أو سن الحضانة وغيرها من القوانين، التى صدرت من مجلس النواب وأيضا تغيرت العديد من المواد والعقوبات فى قانون العقوبات لتكون أكثر ردعًا بالنسبة لأي جريمة تتم فى حق الأسرة، ولكن يبقى ذلك أشياء جزئية وما نريده هو قانون متكامل عادل للأسرة المصرية، وبالتالى نحن فى حاجة إلى تغيير قانون الأحوال الشخصية الذى مرت عليه متغيرات كثيرة منذ صدوره فى عشرينيات القرن الماضى
كما تقول فاطمة بدران رئيسة مجلس إدارة رابطة المرأة العربية: إن موضوع الأحوال الشخصية من الموضوعات المهمة، التى نتحدث عنها منذ سنوات طويلة وخطوة جيدة أن يصدر النائب العام مثل هذا القرار، والأهم سرعة تنفيذ الإجراءات خصوصًا فيما يتعلق بمسكن الحضانة، لأنه يوفر للزوجة مكانًا تعيش فيه مع الأبناء، حتى البت فى بقية القضايا والحقوق المترتبة على الانفصال، مثل النفقة التى يجب الفصل فيها سريعًا أيضًا، لأنها وإن بقيت فى مسكن الزوجية فمن أين لها بنفقة الأبناء؟ لذلك لابد من قرار فورى بأن يصرف لها مبلغ إلى أن تتمكن الجهات المسؤولة من تحصيل مبلغ النفقة من الزوج.
وتتابع فاطمة بدران أن مشكلات الطلاق كثيرة وأهمها السكن للمطلقة، وإن كانت وزارة التضامن توفر مساكن استضافة للمطلقات المعنفات ولكنها مأوى مؤقت، وأيضا عددها قليل قد لا يستوعب كل الأعداد ولا يوجد إعلان كاف عنها وبرغم ذلك تبقى مشكلة عدم سرعة تنفيذ الأحكام والبت فى القضايا، فالمطلقة مطالبة برفع قضايا كثيرة مثل قضية المسكن والنفقة والولاية التعليمية، حتى تحصل على جميع حقوقها، لذلك اقترحنا أن يكون كل ذلك فى ملف وقضية واحدة وأمام قاض واحد، وأن يكون الطلاق أمام المحكمة حتى يتولى القاضى نفسه كل القضايا المترتبة على حكم الطلاق، ولا بد من سرعة تنفيذ الأحكام، وأعتقد أنها ليست مشكلة النيابة وإنما الشرطة، وتضيف: هناك مقترحات عديدة فيما يخص النفقة، صحيح أن بنك ناصر يدفع جزءا من النفقة للزوجة ولكنه مبلغ بسيط لا يفى باحتياجاتها هي والأبناء، إذن الموضوع متشابك ويحتاج إلى أن يناقش من كل الجوانب لأنه يمس جميع أفراد المجتمع.
تقول الدكتورة إقبال السمالوطى رئيس جمعية حواء المستقبل: هذا الإجراء رائع لأنه يسهل الحصول على الحقوق ولكن يبقى التنفيذ، ومن المهم أن يكون هناك تنفيذ حقيقى على أرض الواقع لهذا الإجراء، وأن توجد قنوات مفتوحة ومعروفة لأى طرف يريد أن يستفيد من هذه الإجراءات، مثلا يخصص مكتب واضح وموجود فى كل الأجهزة اللازمة، وأن يتولى مسؤول الرد على الناس.
وتتابع الدكتورة إقبال السمالوطى: دعونا نطبق ذلك على أرض الواقع ونرى المشكلات التى تنتج عنه لنتداركها سريعًا، وأرجو ان نهتم أكثر بالجانب الوقائى من مشكلات الأسرة لأن الأسرة المصرية والعربية تواجه مشكلات كثيرة تهزها من حيث الأسس وقيم المودة والرحمة ومعرفة حقوق الأطراف وواجباتهم، ولتحقيق ذلك لابد من الإعداد الجيد للزواج وأن يعرف كل طرف مفاهيم الأسرة الحقيقية التى تدعم الجمهورية الجديدة. وتضيف قائلة: لا بد من تضافر الجهود لعودة الاستقرار إلى الأسرة ومنع وقوع مشكلات تهددها، وألا يكون الزواج مجرد صفقة، فالزواج مسئولية وبناء أسرة وأطفال هم جيل المستقبل، لذلك لابد من وجود منظومة كاملة لمواجهة مشكلات الأسرة، وأعتقد أن المشروع القومى لتنمية الأسرة مظلة مناسبة لأن نتبنى كل هذه الرؤى بشكل متوازن ومتكامل بين كل الجهات المعنية ببناء الوعى والتثقيف ونشر المفاهيم والقيم الصحيحة.
ومن جانبها، أشادت الدكتورة إيمان بيبرس رئيس مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة بالقرار وقالت: نشيد بقرار المستشار حماده الصاوي النائب العام، بتشكيل لجنة لاختصار الدورة المستندية بنيابات الأسرة على مستوى الجمهورية، ونؤكد أن هذا القرار سيخفف من المعاناة الطويلة التي تعيشها الأم وهى صاحبة حق لنيل حقها القانونى فى التمكين من شقة تضمها مع أبنائها، والتخلص من إجراءات رسمية تستغرق شهورا لا حصر لها، حتى تستكمل أوراق التمكين سواء من عمل محضر طرد، يتم إرساله للنيابة، وغالبًا يتم حفظه، لتتقدم الزوجة بتظلم إلى المحامي العام، الذى يطلع على المحضر، ثم يعيد إرساله إلى النيابة، ليتم عمل تحريات للمسكن للتأكد من الشكوى، ثم استيفاء معلومات من محكمة الأسرة، بعدها يصدر قرار التمكين، لتبدأ فاصلا جديدا من المعاناة مع ألاعيب الأزواج التي تنتهي للأسف بعدم تمكين الأم من شقة الزوجية، فهذه الخطوات لا يخفى على الجميع أنها تستغرق شهورا وقد تصل إلى سنوات حتى تصل الأم إلى حقها القانوني.
لكن للأسف لا تنتهي المعاناة عند الانتهاء من الإجراءات الرسمية الخاصة بالتمكين من مسكن الزوجية بل يلجأ الكثير من الأزواج إلى طرق ملتوية مغلفة بالشكل القانونى أو ما يُطلق عليه الحيل القانونية التى تكون عائقاَ يمنع الزوجة من تنفيذ قرارات التمكين.
وتضيف: نحن في جمعية نهوض وتنمية المرأة طوال سنوات عملنا التي تعدت أربعة وثلاثين عامًا نطالب بالانتباه إلى قضية الطلاق وارتفاع نسبتها بخاصة في السنوات الأخيرة، فقد دق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري ناقوس الخطر بتقرير حديث نشره وكشف فيه ارتفاع نسب الطلاق في مصر بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة حيث جاء في التقرير أن حالات الطلاق وصلت إلى حوالي 213 ألف حالة عام 2020، الأمر الذي يؤكد أن هذه الظاهرة زادت في السنوات الأخيرة وتمثل تهديدًا للواقع الاجتماعي في مصر.
وبحسب الإحصائيات أيضًا فإن نسبة 5% فقط من المطلقات البالغ عددهن أربعة ملايين مطلقة تنجح فى الحصول على حقها من التمكين من مسكن الزوجية وأن 250 ألف طفل فقط يستطيعون الحصول على نفقة عادلة من آبائهم من إجمالى تسعة ملايين طفل وفق الإحصائيات وهي نسبة قليلة للغاية.
لهذا نطالب بإصدار قوانين تقضي على هذه الحيل التي يقوم بها بعض الأزواج لعدم تمكين الأم من حقها القانوني في شقة الزوجية، خصوصًا أن الشقة قانونًا من حق الزوجة، كما نطالب الجهات التنفيذية بمراقبة تنفيذ هذه القوانين وسرعة تنفيذها على أرض الواقع.