فنون و ثقافة

على عمر الشطبى .. يكتب / شئ من الخوف .. رؤية جديدة

 شئ من الخوف ….

 ﺇﺧﺮاﺝ: حسين كمال
ﺗﺄﻟﻴﻒ: ثروت أباظة
أشعار وحوار : الأبنودى
موسيقى : بليغ حمدى
أنتاج : صلاح ذو الفقار

 البطولة : شادية محمود مرسي ، يحيى شاهين ، محمد توفيق ، أحمد توفيق ، آمال زايد ، محمود يس

 يولد الخوف مع الأنسان كفطرة ، لكن التربية هى التى تحدد مساحة هذا الخوف ، فإذا تغذى أصبح مارد يسيطر على أفعالنا ، وقد يجعل من الفرد عبدا لأناس مثله ايضا يخافون

هوامش

 لاقى الفيلم اعتراض من الرقابة ظناً أن شخصية عتريس ترمز إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي أجاز عرض الفيلم بنفسه بعد أن شاهده أكثر من مرة معلقاً على شخصية عتريس “لو كنت بتلك البشاعة حق الناس يقتلوني”

 نجيب محفوظ و خلال كتاب “صفحات من مذكرات نجيب محفوظ” للناقد رجاء النقاش، ذكر أنه “بالنسبة
لرواية شىء من الخوف فإن عبد المنعم الصاوى الذى كان وكيلا لوزارة الثقافة فى ذلك الوقت هو الذى لفت أنظار السلطة إليها، وأكد أن ثروت أباطة يقصد الرئيس عبد الناصر، بشخصية عتريس فى الرواية، وأن زواجه من فؤاده التى تجسد (مصر)، باطل

 كان المخرج حسين كمال يريد تحويل مشهد فتح الهويس لمشهد واقعى و بعد بحث كبير وجد الفنان صلاح ذو الفقار قرية تدعى “قليم ” وهى قرية تقع فى دلتا مصر ولم يكن بها هويس ، وحياتهم كانت مأساة من عطش وجفاف أراضيهم لعدم وجود هويس ينقل لهم المياه.

اتفق صناع الفيلم مع أهالى القرية بأنه سيبني لهم الهويس بناءا حقيقيا، ويحل المشكلة إلى الأبد للقرية، لكن على شرط أن أهل القرية يصوروا هذا المشهد فى الفيلم، وهو مشهد لحظة فتح الهويس

 جاء مشهد فتح الهويس على يد الفنانة شادية واقعى تماما ففى اللحظة التى فتحت فيها الهويس ببطء شديد كانت أنظار أهل القرية وقلوبهم متعلقه بأول نقطه مياه وكانت صورة المياه وهي تروى الأرض واقعية، وكان رقص الناس داخل المياه وفرحت الاطفال ليست تمثيلا

كبر وشب الولد ومعدش يغوى السواقى
أشبهك يا بلد بغريق بينده ما لاقي
في الكفر طايح بسيفه زي الرياح في الرمايل
في الناس بيحكم بكيفه ويشدها بالحبايل
نسي تراب الموالد..نسي الحصان الحلاوة
كأنه جه زي شارد من تحت حر البداوة
فؤادة وفين من فؤادة زي ما يكون ضنايا غريب
وضاعت بلاده بيردها بالعصايا
هو الولد ولا مش هو .. ولا أحنا مش أحنا ولا
عيونه في الضلمة زاغوا

 عام 1969 صدرت رواية “شيء من الخوف” للأديب ثروت أباظة رواية تدور أحداثها عن “فؤادة” فتاة صغيرة تحب ” عتريس ” الطفل الذي ينقلب إلى وحش ويعيش على القتل والنهب ويقرر أن يعاقب البلدة ذات يوم بأن يمنع عنها الماء، فلا يجد من يقف له سوى فؤادة، حبه القديم ونقطة ضعفه الوحيدة، ولما لم يستطع أن يقتلها قرر أن يمتلكها عن طريق الزواج، وترفض فؤادة أن تتزوجه فيغصب عتريس ابوها على الزواج منها وتنتقل إلى منزله ، وتقاوم فؤادة محاولات عتريس أن يعيش معها بالقوة وترفض الاستسلام له حتى لو هدها ب الموت .
وقرر المخرج الكبير حسين كمال تحويلها إلى فيلم سينمائي يحمل الاسم نفسه ، فيجمع عمنا حسين الرجاله ..
( الابنودى شاعرا وبليغ ملحنا وهو مخرجا ) ليقدم معهم عمل فني متكامل اجتمعت به الأشكال الفنية المختلفة من موسيقى وأداء الممثلين والأشعار وكتابة السيناريو والحوار

 وتأتى مقدمة “شيء من الخوف” بجدريات فنية لأناس من المعذبين والخاضعين لبطش قلة تمتلك القوة لتصاحبها أغنية من كلمات عبدالرحمن الأبنودي، ولحن بليغ حمدي، ترصد قصة بلد قد تكون اى بلد وقد يكون أى زمان فحيثما وجد الظلم والبطش يوجد الخوف والذل فأطفال الدهاشنة ( الدهاشنة أسم قنرية ريفية كما تدور أحداث فيلمنا ) يفرون من الاحتفال بالمولد بمجرد حضور عتريس الصغير (محمود مرسي في ما بعد) للعب مع فؤادة
(شادية في ما بعد) واعتبارهم أن أي مكان آخر أفضل من تواجدهم فى مكان فيه الطفل عتريس رغم وجود الألعاب والبهلونات في المولد وصوت الموسيقى والغناء .

 من هو عتريس
عتريس الابن هو امتداد لعتريس الجد ونشاهد كيف تتحول شخصية إنسان ملئ بالبراءة لشخص قاصى غليظ المشاعر ، فالحفيد طيب القلب يحب ويلعب مع بنت قريته فؤادة وسريعا ما يتحول إلى قاتل بعد رؤيته مقتل جده بعد ان كان هو المقصود ولكن جده فداه بنفسه ، فيقرر الأنتقام من البلدة كلها دون أستسناء أحد، ويحرق منازلهم رغم وعوده لفؤاده بأن يديه لن تتلطخا بالدماء ولكنه يصبح فى يوم وليلة كبير العصابة خلفا لجده القتيل ،فيتحول عتريس لقاتل أكثر وحشية من جده، وطلب المزيد من الإتاوات من أهل القرية، وتبتعد عنه فؤاده . ويموت احد رجاله فيقرر عتريس الانتقام من القرية بغلق مصدر المياه حتى تجف الأرض ويموت الزرع ، لكن فؤاده تتصدى له بشجاعة فاقت الرجال وفتحت الهويس لتروى الارض فى مشهد هو الماستر لفيلمنا و تأتى أهمية هذا المشهد أنه المشهد الذى بدأت عنده نهاية “عتريس” ، الذى ما ان علم بفتح الهاويس الا و ذهب مسرعا ليقتل من فعل ذلك ليجدها “فؤادة” فيعجز عن قتلها ، لتكون بذلك نقطة الضعف التى أسقطته و التى حركت أهل القرية بعدها لا يجد مفر سوى الذهاب لخطبة “فؤادة” حتى لو كانت الخطبة بالأمر والأرهاب ، مما جعل والدها يبطل عقدها باتفاق بينه و بين الشهود حتى يتحاشوا انتقام عتريس ، و عندما تأتى لحظة رحيل “فؤادة” عن منزل والدها فتخرج مرتدية السواد

 تتحول موسيقى الزفاف الشهيرة الى موسيقى حزينة خصوصا مع صراخ فؤادة فى وجه عتريس بأن زواجه منها باطل مما يصيب عتريس بنوبة جنونية مطالبا بقتل كل من يقول ان الزواج باطل حتى لو كان الشيخ ابراهيم نفسه ( يحى شاهين ) والذى اراه يمثل المؤسسة الدينية والتى لا تعترف سوى بشرع الله فى حق فؤاده الرفض او القبول بزواجها من عتريس

وتأتى الثورة الملجأ الأخير لمواجهة انتهاك حقوق الأهالى فيها الصوت الفردي أقوى مع التحامه بغيره. ينطلقون بجثمان “محمود” من الصباح إلى المساء في الشوارع كتبوا على الجدران، مارسوا صنوف الحشد قبل التوجه إلى قصر عتريس، الذي تخلى عنه أفراد عصابته رافضين الالتزام بأوامره بإطلاق النار على أهل القرية .

 وتأتى النهاية عندما يعلو صوت الشعوب فلا مجال لأخراسه ، ويتخلى اعضاء العصابة عن كبيرهم الذين يعتبروا أن فعلة فؤاده وتمردها على عتريس قد فتحت الباب أمام الأهالى ولا مجال لتراجعهم إلا بقتلهم جميعا كما كان يريد عتريس فما كان لديهم من خيارات سوى الهروب وترك عتريس بمفرده يواجه ثورة غضب الأهالى

زر الذهاب إلى الأعلى