فنون و ثقافة

عبد الفتاح القصرى فنان أضحك الملايين ورسم الابتسامة علي وجوهنا جميعاً ..وهو جزء من سعادتنا

بقامته القصيره … بعين أصابها ( الحول ) من الصغر ..منحها الله له لتكون كنزاً و مصدر لنجوميته …

استولى علي قلوبنا بطريقته الخاصه المميزه في نطق الكلام وارتداء الملابس … لم يكن بطلا مطلقاً ولكنه كان ( ايقونه ) في عيون محبيه وعشاقه ..

هذا الفنان الجميل الذي سلك طريق الفن وهو إبن مدلل لأب ثري يعمل في تجاره الذهب ( جواهرجي ) … هذا الفنان الذي درس في أرقي المدارس ( مدرسه الفرير ) وأتقن الفرنسيه قراءه و كتابه … أقنع الناس و برع في تمثيل أدوار ( المعلم – الحانوتي – اللص ) .

من منا ينسي ( يا صفايح الزبده السايحه … يا براميل القشطه النايحه ) في فيلم ( لو كنت غني ) لبشاره واكيم …
والمعلم حنفي شيخ الصيادين في فيلم ( ابن حميدو ) وافيهاته المحفوظه عن ظهر قلب ..( خلاص تنزل المره دي. …نورماندي تو )
والمرافعه العصماء في المحكمه وهو يطالب بإعدام جاره لمجرد أنه أقام جدار في فيلم ( الاستاذه فاطمه ) لفاتن حمامه وكمال الشناوي..
وفيلم ( سكر هانم ). عندما قال ( ست … أنا مش شايف أيتها ست …ده انتي ست اشهر ) …

 

( عبد الفتاح القصري ) شريك النجاح لأعمال كبار الفنانين مثل نجيب الريحاني و اسماعيل يس وزينات صدقي وغيرهم …كان رحمه الله اضافه حقيقيه لأي عمل يشارك فيه… يكفي أن تراه وتستمتع بأدائه وقدرته علي انتزاع الضحكات ..

وكما كان المجد وكانت الشهره … كانت أيضا الدموع والتاوهات
(عبد الفتاح القصري ) مثال واضح للتناقض بين ماتشاهده علي الشاشه وما بين الواقع الأليم.
ولنبدأ من عام ١٩٥٨ كان ( القصري ) يداوم علي الذهاب إلي المستشفي من حين لآخر حيث كان يعاني من مرض ( السكر ) وفي أحد المرات قابل ( ممرضه ) صغيره السن تدعي ( سهام ) كانت تعتني به كثيراً و تتلطف في الحديث معه ..
نصبت ( سهام ) شباك الحب عليه و اوهمته بهيامها به … وأنها لا يعجبها من هم في مثل عمرها … تريده هو ..
حاول ( القصري ) الفكاك منها والافلات من غوايتها ..مذكرا إياها بفارق العمر وأيضا المرض الذي أصابه …لكنه ضعف أمام الحاحها ونجحت في النهايه في إقناعه بالزواج منها ..
انتقلت ( سهام ) للعيش معه في شقه الزوجيه وكان مهرها أن كتب لها الشقه باسمها.

وفي عام ١٩٦٢ وأثناء عرض مسرحيه ( الحبيب المضروب ) وكانت بطوله اسماعيل يس وتحيه كاريوكا و ماري منيب ..صرخ ( القصري ) … أنا مش شايف … نظري راح ..الحقني يا اسماعيل …
ظن الجمهور بأنها ايفيه كوميدي ارتجله ( القصري ) علي المسرح … إلا أن ( اسماعيل يس) أدرك المأساة التي حلت بصاحبه و سحبه الي غرفته بالمسرح … تم نقله إلي أقرب مستشفى وكان التشخيص إرتفاع في ضغط الدم ادي الي الاصابه بالعمي …
اتصلت ( ماري منيب ) بالفنانه ( هند رستم ) واخبرتها بما حدث ل ( القصري )… لم تنتظر ( هند رستم ) كثيراً وذهبت مسرعه الي الموسيقار ( فريد الاطرش ) الذي تبرع ب ٢٥٠ جم واقترح عليها الذهاب سويا إلي بيت العندليب ( عبد الحليم حافظ ) والذي لم يخيب ظنهما و تبرع هو الآخر بنفس المبلغ ٢٥٠ جم ..

التقت ( هند رستم ) مع ( ماري منيب ) في المستشفى ولفت نظرها سوء حاله المستشفى واقترحت عليها نقله لمستشفى أخري طالما تم توفير المال لعلاجه ..

استرد ( عبد الفتاح القصري ) عافيته شيئا فشيئا ورضي بقضاء الله في أن يقضي بقيه عمره وهو كفيف البصر إلا أنه فوجئ عند عودته إلي المنزل بحاله نفور وتغيير في طريقه تعامل زوجته ( سهام ) معه والتحدث معه بطريقة مهينه والتفضل عليه برعايتها له والتافف والشكوي حتي أثناء اعطاءه الدواء ..
وبعد فتره صارحته بطلبها الإنفصال والطلاق … ورغبتها في الزواج من شاب صغير في الحي كان (القصري )يعطف عليه.. حاول ( القصري ) منعها واستعطفها .وقال لها (. لا ماوي لي يا سهام … حاروح فين … مش انتي اللي كنتي عايزاني ) ….لم يجد لما قاله صدي سوي أن اقترحت عليه الاقامه في غرفه صغيره منعزله في المنزل لا يفصلها عن العالم الخارجي غير شباك صغير .. رضخ ( القصري ) ووافق مضطراً

 

إلا أن زياره مفاجئه لكل من ( ماري منيب و نجوي سالم ) لمنزله ..كشفت المستور …. أنكرت ( سهام ) وجوده في البيت … وعند نزولهما السلم انتبهت ( ماري منيب ) ونظرت إلي ( نجوي سالم ) قائله : الست دي بتكدب …هو القصري في عافيه يروح و يتحرك ؟ تعالي …. أنا طالعه )
دقت ( ماري منيب ) الباب وعندما فتحت ( سهام ) صرخت في وجهها وقالت …انتي حاتدخلينا نشوف الراجل ولا أطلب بوليس النجده ) … عندئذ اسقط في يد مطلقته وسمحت لهما بالدخول .. وكانت المفاجأة … كان ( القصري ) في حاله يرثي لها … شارد الذهن مهموماً … لم يستطع التعرف عليهم ..
تجمع أهل الحي بالسيده ( ماري منيب ) عند مغادرتها المنزل وتحدثوا معها بمراره عما يمر به ( عبد الفتاح القصري ) وكيف أنه يستجدي الماره بطلب ( سيجاره ) وأن الصبيه يطلبوا منه أن يقول ( نورماندي تو ) قبل لما يعطوه ( السيجاره ) فيقولها مضطراً …

تسرب الأمر إلي وسائل الإعلام وقامت حمله ضخمه للتبرع ل ( عبد الفتاح القصري )من الفنانين وامتد الأمر إلي الأدباء أيضا …فتبرع الأديب ( يوسف السباعي ) بشراء غرفه نوم القصري علي حسابه ..
اجتمع وفد من الفنانين مع محافظ القاهرة ( صلاح الدسوقي ) الذي وافق علي منح ( القصري ) شقه سكنيه في ( الشرابيه ) وقررت نقابه التمثيل صرف معاش شهري له ..

وفي شهر مارس ١٩٦٤ .. فاجأت ( القصري ) نوبه ( سكر ) نقل علي أثرها الي المستشفي وأصيب بغيبوبه ثم مالبث أن لبي نداء ربه …

مات ( عبد الفتاح القصري ) ولم يحضر جنازته سوي ٤ أشخاص بالإضافة إلي شقيقته ( بهيه ) والفنانه ( نجوي سالم ) .

( عبد الفتاح القصري ) فنان أضحك الملايين ورسم الابتسامة علي وجوهنا جميعاً ..وهو جزء من سعادتنا.. …غادر الحياة وحيداً يشكو أمره وما مر به إلي رب رحيم ..رب العالمين

تحية إلي روح ( عبد الفتاح القصري )

 

زر الذهاب إلى الأعلى