أهم الأخبار

عمارة الإيموبيليا .. جناية وحكاية مابين الحقيقة والغموض

جناية وحكاية
الإيموبيليا مابين الحقيقة والغموض
بقلم : أمير الألفي

هل حقآ عمارة الأيموبيليا عمارة الالغاز ؟
‏ هل كان الملك فاروق يدخلها متنكراً ؟ ،

وكيف كان يتعامل نجيب الريحانى مع الخدم والبوابين ؟ ،
‏ ولماذا كان فريد الأطرش يغنى فى الأسانسير ؟ ،
‏ وما السبب الذى جعل عبدالوهاب يمنع عبدالحليم من إعطاء البوابين بقشيشاً ؟ ،
وما سرحقيقة الجريمة البشعة التي حدثت بداخلها وسر صعود المصعد إلي الدور الذي حدث فيه الجريمة كل ‏ليلة بدون أحدآ ؟ ‏‎

 

حكايات وأسرار دار الحديث عنها مع عم عوض ، أقدم حارس لعمارة الإيموبيليا ، والتى مازالت تقف شامخة ‏فى وسط البلد على ناصيتى شارعى شريف وقصر النيل ، لتشهد على واحدة من أهم فترات مصر ‏التاريخية والفنية . ‏‎
نشأة الإيموبيليا :-

بدأ عم عوض ، الرجل السودانى ، الذى تجاوز التسعين من عمره ، حديثه عن تاريخ العمارة قائلاً :‏

 

تقع عمارة “الإيموبيليا” على ناصيتى شارع شريف وقصر النيل، كأعلى عمارة فى مصر فى زمنٍ كانت ‏منطقة وسط القاهرة من أرقى الأحياء وتمثل “الإيموبيليا” من اضخم العمارات التى تم بناؤها ومن أعرق ‏المناطق فى القاهرة وأقدمها، حيث تتميز بوجود العديد من العمارات التراثية، بتكلفة 1.2 مليون جنيه تم ‏بناؤها عام 1938، ويوجد بها 370 شقة، وصممها المهندسين المعماريين ماكس اذرعى، وجاستون روسى، ‏عند نقطة التقاء شارعى شريف وقصر النيل، وبناها أحمد باشا عبود، أغنى أغنياء مصر حيث كانت تقدر ‏ثروته بـ 30 مليون جنيه فى الثلاثينات.‏

 

تم تصميم عمارة “الايموبيليا” على هيئة برجين على شكل حرف ‏UU‏ وكل برج منهما له ثلاثة مداخل ‏عمومية للسكان، تتكون العمارة من برجين أحدهما بحرى ويتكون من 11 طابقا، والآخر قبلى ويرتفع لـ13 ‏طابقا ويضم البرجين 370 شقة. المصاعد الموجود بها والذى يقدر بنحو 27 مصعد كانت تقسم إلى ثلاث ‏فئات «بريمو» للسكان و«سوكندو» للخدم، وآخر للأثاث.‏
وقد تضافرت فى بنائها عدة شركات حيث طرح مشروع تشييدها فى مسابقة معمارية وتقدم لهذا المشروع ‏أكثر من 13 متسابقاً وتمت دراسة المشاريع لأكثر من شهر كامل ومنحت الجائزة الأولى لماكس أدرعى ‏وجاستون روسيو بلغت قيمتها 600 جنيه أما الجائزة الثانية فكانت للمهندس أنطوان نحاس.‏
وقد أقيمت مسابقة معمارية لتصميمها فازت بها شركة فرنسية إيطالية من بين أكثر من 14 شركة تقدمت ‏للمسابقة وزينت ممرات العمارة برخام عالى الجودة والنقاء صممته وركبته شركة إنجليزية.‏
‏ صاحب العمارة عبود باشا كان رئيساً للنادى الأهلى وكان يجتمع باللاعبين فى مدخل العمارة الذى تتوسطه ‏حديقة كان فيها نافورة وكان يسكن فى إحدى شققها بالطابق الثانى وفى نفس الطابق كان هناك مكتب لإدارة ‏شركاته وشهدت العمارة.‏


كما أن الإيموبيليا ليست مجرد عمارة ، ولكنها كانت بمثابة مدينة للنجوم ، فمعظم سكانها كانوا من كبار نجوم ‏الفن والسياسة والقانون ، حيث إنها كانت المكان المفضل لهم فى الأربعينيات والخمسينيات.‏
وأثناء حديثي مع حارس العقار عم عوض أستوقفني عده أسئلة له ؟
هل تذكر أول مرة دخلت فيها الإيموبيليا ؟
طبعاً يا أمير باشا ، فهذا شئ لا يمكن نسيانه ، فرغم مرور الزمن وضعف الذاكرة وكبر السن أنا لا أزال ‏أذكر تفاصيل حياتى وذكرياتى فى ” الإيموبيليا ” بالرغم من أنى لم أكن الوحيد الذى يعمل فى العمارة ، فقد ‏كان فيها ١٤ بواباً ، رئيسهم يدعى ” محمد كركيدى ” وهو رجل سودانى الجنسية ، وهذا الرجل كان شقيقاً ‏لوالدتى وقد أتيت معه من السودان وأنا طفل لأعمل معه فى العمارة ، وكنت فى البداية عامل ‏مصعد ، ثم بدأت أذهب لأشترى أحتياجات السكان إلى أن تم تعيينى من شركة الإيموبيليا نفسها كعامل مصعد ‏عام 1950 ميلاديآ .

عشت عمرى كله فى العمارة ، حتى تمت إحالتى للمعاش نظراً لكبر سنى ، وقد رأيت فى هذه العمارة ‏حكايات لها العجب ، وأعلم عنها ما لا يعلمه الكثيرون ، وبالرغم من أنه مازال أثنان من البوابين القدامى ‏على قيد الحياة وهما مصطفى عباس وسالم فضل ، إلا أننى أعلم أدق أسرارها ، لأنى كنت الوحيد الذى ‏يسمح له بدخول كل شقق العمارة حتى الشقق الممنوعة على الخدم والبوابين .‏‎
قلت إنها مدينة المشاهير ياعم عوض.. هل كان يسمح لك بالتعامل معهم؟‏

بالتأكيد يا أمير باشا ، ويكفى أن أقول لك إنه كان بها أكثر من ٣٠ فناناً
وفنانة ، ومنهم ، نجيب الريحانى وأنور وجدى و ليلى مراد ومحمود المليجى ومحمد فوزى وعبدالوهاب وماجدة الصباحى ، ‏والتى مازال مكتبها موجوداً بداخل العمارة حتى الآن ، هذا بخلاف كبار النجوم الذين كانوا يترددون عليها ، ‏مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ .‏‎


هل التعامل عن قرب مع النجوم يجعلك تراهم بصورة مختلفة ؟ماذا رأيت؟ ‏‎
معظم النجوم غالباً ما يكونون عكس ما يظهرون على الشاشة تماماً ، وأنا كنت أراهم كلهم وأتعامل معهم ‏بشكل مباشر ، والحقيقة أن فريد الأطرش كان أكثرهم طيبة وأدباً ، حيث إنه كان دائماً ما يأتى إلى العمارة لزيارة أخته أسمهان ، التى كانت تسكن بها ، وكان يتعامل مع ‏البوابين بمنتهى الذوق ، لدرجة أنه كان يغنى لنا فى الأسانسير ، أما أنور وجدى ، الله يرحمه ، فكان رجل لا يطاق ، ودائم الخناق والشجار على أتفه الأسباب ، وطالما عانت ‏زوجته ليلى مراد من شدة بخله وعصبيته ، لدرجة أنه كان يضربها على السلم وأمام الناس ، حتى تركت له ‏العمارة ، وذهبت لتقيم بشقة أخرى فى جاردن سيتى ، بسبب معاملته الوحشية مع كل الناس .‏
سمعت ياعم عوض أن قصة فيلم ” غزل البنات ” ولدت بالصدفة على باب أسانسير العمارة .. هل حدث ذلك؟
نعم .. فقد كان نجيب الريحانى يسكن فى العمارة ، ومرة التقى صدفة ب ليلى مراد على باب الأسانسير ، فسلم ‏الريحانى عليها ، وأثناء صعودى معهما ، حيث إنها كانت تسكن فى الدور الحادى عشر ، قال لها إنه يتمنى ‏لو قدم معها فيلماً فشكرته ، وعندما دخلت شقتها أخبرت زوجها أنور وجدى ، وقالت ، إن فارق السن الكبير ‏بينها وبين الريحانى لا يسمح بأن يقدما فيلماً معه ، وبعدها بنصف ساعة ، نزل أنور وجدى إلى شقة ‏الريحانى بقصة الفيلم ، ليعرض عليه الفكرة ، وكان هذا الفيلم هو ” غزل البنات ” وقد أشيع وقتها أن ‏الريحانى وقع فى حب ليلى مراد فعلاً ، ولكنه توفى قبل عرضه للجمهور .‏‎
ولحديثي بقية للكشف عن عمارة الأسرار والغموض صاحبة الفن والجمال وأيضآ الجريمة …..

زر الذهاب إلى الأعلى