زاوية المرسال

عمرو النوبي يكتب العدوان الثلاثي (1956)..فكرة لا تنتهي

في عام 1956، شهدت مصر واحدة من أهم المحطات في تاريخها الحديث، حيث واجهت العدوان الثلاثي الذي شنته كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. كانت هذه الحرب نتيجة لتوترات سياسية واقتصادية عميقة و خاصةً أنه في هذه الحقبة الزمنية كانت مصر قد استردت حريتها و استقلالها عن الإستعمار و بدأت تسير في إتجاه تسليح الجيش و بناء مؤسسات دولة قوية غير تابعة لأي قوى استعمارية ، و هو ما أغضب الدول الاستعمارية و التي لم تقوم بالجلاء عن مصر طواعية.
و استمراراً للنهج المصري في تقوية مؤسسات الدولة و تسليح الجيش و التنمية الاقتصادية و خاصةً التوسع في البنية التحتية فقد شرعت مصر في إقامة مشروع السد العالي و الذي له جدواه الاقتصادية و الاجتماعية.. و قد اتجهت الدولة لتمويل هذا المشروع القومي من صندوق النقد الدولي الذي تديره القوى الاستعمارية.. و لكن طلب مصر قُوبل بالرفض .
و هو ما أضطر إلى تأميم الرئيس جمال عبد الناصر لقناة السويس في يوليو 1956. و قد كان هذا القرار يهدف إلى تحقيق السيادة الوطنية وتعزيز الاقتصاد المصري، لكنه أغضب القوى الاستعمارية القديمة التي كانت تستفيد من القناة.
فبدأت الدول المعادية لمصر بالهجوم العسكري عليها و كل منهم على حسب هواه و غرضه البغيض
ففي 29 أكتوبر 1956، بدأت إسرائيل الهجوم على سيناء و التي هي الحلم القومي لها ، تلتها بريطانيا وفرنسا في 5 نوفمبر و هاتين الدولتين كان مبرر هجومهم ليس فقط تأميم قناة السويس و لكن الانتقام من مصر بسبب دعهما للثورة الجزائرية و التي هزت عرش فرنسا في المغرب العربي بل و الدعم الكامل لمصر لكل الدول التي كانت تقبع تحت الإستعمار.
استهدف العدوان تدمير القدرات العسكرية المصرية والسيطرة على قناة السويس. ومع ذلك فلقد كانت المقاومة شرسة من التلاحم الوطني الشعب والجيش و الشرطة .
فالهجوم لم يستهدف القوات و القدرات العسكرية المصرية فقط بل استهدف الروح المعنوية للشعب المصري..
و كأن التاريخ يعيد نفسه.. ففي هذه الآونة الأخيرة تواجه مصر و شعبها نفس الهجوم المعنوي و ليس من الخارج فقط و لكن أصبح من الداخل .
فالظروف الاقتصادية و الاجتماعية و توغل وسائل التواصل الاجتماعي في الحياة كل ذلك مجتمعاً أدى إلى تسهيل إختراق المجتمع و عقول الكثير من الأجيال التي لم تعيش الأحداث الوطنية .. و هو التحدي الأكبر في تاريخ مصر الحديث … فقد أصبح الهجوم من الداخل يوازي الهجوم الخارجي.
فعلى الرغم من الخسائر التي تكبدتها مصر خلال العدوان الثلاثي، ولكنها خرجت مصر منتصرة معنويًا و تم تعزيز الروح الوطنية.. و لكن الوضع الحالي يحتاج إلي تعزيز هذه الروح … و زيادة حملات التوعية الوطنية لخلق حالة من الاعتزاز بالوطن و الحفاظ عليه و على مكتسباته.
فلقد استيقظت القوى الاستعمارية من جديد لتحقق ما فاتها من إسقاط مصر تحت قبضتها و لكن هذه المرة بإحداث التوترات السياسية و الاقتصادية تارة و تارة أخرى من خلال الضغط على اخوانتا الفلسطينيين للتهجير لإحداث فتنة بين الشعبين ثم فتنة بين أبناء الشعب الواحد ثم تهجير يؤدي إلى عمليات مقاومة هجومية من داخل الأراضي المصرية تكون مبرر للهجوم الإسرائيلي على الأراضي المصرية و احتلال سيناء..فهو مسلسل مكرر و سيناريو تم كتابته من زمن فقد فشل من قبل زرع و توطين الحركات الإرهابية في سيناء لتكون ذريعة للهجوم الإسرائيلي على سيناء و الآن يتم اتخاذ بديل آخر.
و ختاماً
سيظل كفاح الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي مثالا على الصمود والتضحية من أجل الحرية والسيادة. و لقد أثبتت هذه الأحداث أن إرادة الشعب المصري قادرة على هزيمة القوى الاستعمارية، وأن الوحدة الوطنية تلعب دوراً حاسماً في مواجهة التحديات.
فإن العدوان الثلاثي ما كان إلا فكرة لها هدف واحد و أكثر من شكل على مر العصور..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى