زاوية المرسال

في الذكرى التاسعة لرحيل الشاعر الكبير الدكتور حسن فتح الباب 28/9/2015

الدكتور حسن فتح الباب.. من فرسان السيف والقلم

بقلم/ أبوالحسن الجمال

مرت تسعة أعوام على رحيل الشاعر الدكتور حسن فتح الباب الذى تعدد نشاطه من الإبداع إلى النقد الأدبى والترجمة وأدب الرحلات والكتابة فى التاريخ الإسلامى والعلوم السياسية الذى حصل على الدكتوراه وحاضر فى جامعة وهران عندما تقاعد من جهاز الشرطة بعد ترقيته إلى رتبة اللواء، وكانت أيام الجزائر من أجمل أيام حياته التى عمل أستاذا للعلوم السياسية فى جامعة وهران.. قام انطلاقا من الجزائر بعدد من الرحلات التى تعرف فيها على العالم فى قرطبة حيث حضارة الأجداد الذين ظلوا هناك قرابة ستة قرون، كان يستنطق الأحجار والآثار التى أفلتت من التخريب أثناء حركة الاسترداد الأسبانى للأندلس وزار باريس وأيطاليا والإمارات.. ودونها فى كتابه الفريد”تنويعات على لحن السندباد”، كانت حياته خلية نحل لا يكف عن التفكير والإبداع حتى رحيله.

ولد الشاعر في ٢٧ نوفمبر ١٩٢٣ في “حارة المجدلي” بحي شبرا، لأب يدعى “فتح الباب حسن” موظف حكومي، ترجع أصول عائلته إلى بلدة منسافيس مركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا، تلك القرية الوادعة التى تقع على شاطىء الترعة الإراهيمية وتتوسط المسافة بين مدينة المنيا ومدينة أبى قرقاص وأنجبت العديد من الأعلام مثل الشاعر عبدالعزيز مصلوح، وابنه الشاعر الدكتور سعد مصلوح، وغيرهم..ظهرت عليه بعض آيات النجابة منذ صغره وكان يتصدر المتفوقين فى مراحل دراسته.

كان الدكتور طه حسين يعقد امتحان فى اللغة العربية لطلبة التوجيهية (الثانوية العامة) ومن ينجح فى هذا الامتحان يختاره فى قسم اللغة العربية، وتقدم الطالب حسن فتح الباب فكان ترتيبه الأول في مسابقة الأدب العربي، وقد أشاد بموهبته العميد الدكتور طه حسين والأستاذ أحمد آمين في هذه المسابقة، التحق الشاعر بكلية الآداب بجامعة القاهرة وقضى عاماً دراسياً، ثم انتقل إلى كلية الحقوق للجمع بين الآداب والقانون مثل الدكتور محمد مندور، وتخرج فى كلية الحقوق، وقد عمل بعد تخرجه في جهاز الشرطة, وتدرج فى الرتب والمناصب وخدم فى قطاعات عديدة بوزارة الداخلية، وكان آخر المناصب التي تقلدها مدير القضاء العسكري ثم تقاعد بعد ترقيته إلى رتبة لواء، ولم يشغله عمله بالشرطة عن الأدب الذى وهب له حياته فكان شاعرا مجيدا له اسمه اللامع فى خارطة الأدب فى مصر وخارجها، منذ نشر أول ديوان له “من وحى بورسعيد” سنة 1957، مرورا بديوان “فارس الأمل” 1965،”مدينة الدخان والدمى” 1976، “عيون منار” 1971، وقد بلغت دواويينه إلى 22 ديوان نشرت مؤخراً فى سلسلة “الأعمال الكاملة” بهيئة قصور الثقافة 2016، كما كتب الدراسات النقدية عن شعراء مصر والعالم فى الصحف والمجلات.

واصل الشاعر حسن فتح الباب رحلته التعليمية حتى حصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من كلية الحقوق, بجامعة القاهرة، عمل بعد إحالته للمعاش بجهاز الشرطة أستاذاً جامعياً في مجال تخصصه, وأسهم بمحاضراته وكتاباته وشعره خلال فترة عمله بالجزائر أستاذاً للقانون الدولي والعلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعة وهران, وفي حركة التعريب وفي النهضة الثقافية والأدبية واختير عضواً منتسبا باتحاد الكتاب الجزائريين.

قدم الدكتور حسن فتح الباب للمكتبة العربية العشرات من الكتب التى التي زادت عن الخمسين، وتنوعت بين الإبداع الشعرى حيث أبدع 22 ديوان شعر، والنقد الأدبى حيث كان من نقاد العرب المعدودين المشهود لهم بالنزاهة والحياد، وقدم عشرة كتب في النقد الأدبي، منها:”رؤية جديدة في شعرنا القديم” – دار الحداثة ببيروت 1984، و”شعر الشباب في الجزائر بين الواقع والآفاق” –الجزائر – 1985، و”شاعر وثورة” عن أبى القاسم الشابى، “مفدى زكريا، شاعر الثورة الجزائرية” –الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة 1997، و”محمد مفيد الشوباشى” – سلسلة نقاد الأدب بالهيئة العامة للكتاب 1997، و”سمات الحداثة في الشعر العربى المعاصر” – سلسلة دراسات أدبية بالهيئة العامة للكتاب 1997،.. وغيرها.. كما أسهم إسهامات بالغة فى المسرح الشعرى وقدم ثلاث مسرحيات شعرية”محاكمة الزائر الغريب” – الهيئة العامة للكتاب، ومسرحيتان مخطوطتان: “أوزوريس”، و”إخناتون”، وكتاب في أدب الرحلة بعنوان “تنويعات على لحن السندباد”-الهيئة العامة للكتاب 2001، وكتابان في السيرة الذاتية، هما: “أسمى الوجوه بأسمائها”: مكتبة مدبولى 1997 (وهى سيرة ذاتية شعرية متفردة وصريحة تحكى في أجزاء منها، سيرة القصائد ومنابعها وكيف كتبت والمفارقة النادرة بين الشاعر وضابط الشرطة واغتراب الشاعر والأحداث السياسية والاجتماعية في مصر خلال حقبة طويلة)، والكتاب الثانى “حارة المجدلى” صدر عن المجلس الأعلى للثقافة 2007 سيرة ذاتية أيضا متفردة عالميا لأنها سيرة حياة كاملة منذ البدء في الجذور بالمنيا والمنابع الأولى في حي شبرا (الأحلام والتطورات النفسية والاجتماعية الى انعكست على الموهبة الشعرية)، وقد صيغت في قالب شعري ومختارات شعرية مترجمة من اللغات الأجنبية كما ترجمت العديد من قصائده، ومؤلفات في الحضارة العربية الإسلامية وفي القانون الدولي والعلوم السياسية.

كما تميز الدكتور حسن فتح الباب فى الكتابات الإسلامية التى تناولت غزوات النبى صلى الله عليه وسلم وعبقرية الهجرة وهذا جانب أغفله دارسو إنتاج الدكتور حسن فتح الباب وهذه الكتب هى: “السفارات الثقافية في الدبلوماسية الإسلامية” – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1962، و”مقومات القيادة الإدارية في الإسلام” – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1962و”التخطيط والتنظيم في الهجرة” – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1969، و”المؤامرات اليهودية من خيبر إلى القدس” – مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر 1969، و”مقومات السفراء في الإسلام” – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1970، و”على طريق الهجرة” – دراسة علمية – مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر1971 و”القيم الأخلاقية والإنسانية في الغزوات” – مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر 1971.

وخلال هذه الرحلة الطويلة تم تكريمه فى المهرجانات والمؤتمرات الأدبية فى مصر وخارجها منها جائزة المجلس الأعلى للآداب والفنون بالاشتراك مع وزارة الثقافة عام 1975 عن ديوانه “حبنا أقوى من الموت” المستوحاة من ملحمة أكتوبر، وجائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين عام 1992 عن ديوانه “احداق الجياد”، و جائزة التميز منحه اتحاد كتاب مصر جائزة التميز عام 2007.

توفى الدكتور حسن فتح الباب يوم 28 سبتمبر 2015.

زر الذهاب إلى الأعلى