مأساة انور وجدى وسر الشنطة والجاكت القديم ،،
انه نجم النجوم أجمل ممثل صاحب الموضة والملابس الفاخرة رائد من رواد الفن المصرى والعربى أغنى واقوى رجل
فى نهاية الأربعينات وحتى منتصف الخمسينات من مثل مع ام كلثوم واسمهان وليلى مراد عمالقة الغناء وايضا صباح و مديحه يسرى فاتن حمامة نعيمة عاكف و ليلى فوزى شادية وكل الجميلات تعشقه أنه المنتج الكبير
يقول عنه فريد شوقى (( تعلمت منه كل شىء كان يضع يده فى التراب فيصبح ذهب لدية من الجرأة والتحدى أن يصنع من اللاشىء كل شىء وانظروا للطفلة فيروز كيف تحدى بها الجميع وكسر بافلامه معها الدنيا ))
ولكن نجمنا الجميل كان لدية سر دفين وعقدة سيطرت عليه أنها عقدة خلفتها الهجرة والفقر بعد الغنى فلقد هاجر أبوه من الشام بعد أن خسر كل أمواله وتجارته وكان تاجر قماش ولكن ظروف الحروب جعلته يستقر بمصر ويولد بها نجمنا الجميل والذى بعد الثروة والنفوذ أصابه الغرور فخذل من تحبه ( ليلى مراد ) وكان لا يكف عن مضايقتها بمغامراته وبالشح عليها حتى أنه لم يعطها أجرها فى بعض الافلام ولكن ليلى مراد كانت تعشقه ولم ترد الانفصال عنه ولكنه هو الذى انفصل عنها بسبب غروره واطماع الدنيا والغريب أنه مثل شخصية تقارب ذلك فى الفيلم الشهير قلوب الناس ( مأخوذ عن عن القصة العالمية الاب المزيف لجول مارى ) ولكن الفيلم جعله ؤتوب بعد حريق الملهى الليلى وصالة القمار من قبل زوزو نبيل ، ولكن فى الحياة هو الذى احرق نفسه وكره ليلى مراد من ضحت من أجله وعندما مرض أراد ان يتزوج بمن يحبها ولم يسعفه المرض لاسعادها ولكنه ترك لها ثروة كبرى ورثتها عنه أنها ليلى فوزى حبه الاول … !
ولد أنور وجدي في حي الظاهر بالقاهرة، اسمه الحقيقي هو «محمد أنور يحيى الفتال وجدي»، وكانت أسرته بسيطة الحال والده في منتصف القرن التاسع عشر كان يعمل في تجارة الاقمشة في حلب في سوريا وانتقل مع أسرته إلى مصر بعد أن بارت تجارته مما جعل أسرته تتعرض للإفلاس وتعاني الفقر والحرمان الشديد وهو ما أثر على نفسيته ورسب لدية عقدة التجارة وعقدة لدى والده من الحياة .
دخل أنور المدرسة الفرنسية الفرير والتي تعلم فيها المخرج حسن الإمام والفنان فريد الأطرش والمطربة أسمهان والفنان نجيب الريحاني، وأتقن خلال دراسته اللغة الفرنسية ترك الدراسة وعشق المغامرة فاقنع زملائه بالسفر الي بورسعيد ومنها الي أمريكا وتسللوا الي إحدى الباخرات المتجهة نحو أرض الأحلام
ولكن اكتشفهم القبطان وتم طردهم شر طردة وتم تسليمهم الي قسم شرطة بورسعيد . شعر بالمرارة لضياع حلمه وبسبب غيابه من المدرسة أدي إلي طرده منها وعندما علم ابوه بذلك طرده من المنزل وهو ما رسب لدية عقدة من والده ، عاش بطلنا في الطرقات وضاق طعم الحرمان والجوع وعاش في شارع عماد الدين وكان يشاهد الممثلين والفنانين وهم يخرجون من مسرح رمسيس فقرر أن يكون ممثل وكان الفتى جرئ جدا فذهب الي الكاتب مصطفى أمين وأخذ منه كارت توصية للفنان يوسف وهبي .. وظن انه قد وقف علي اول الطريق ولكن فوجئ أن يوسف وهبي وضع الكارت في سلة المهملات وأمر العاملين بطرده من المسرح بطريقة مهينة وقف أنور وجدي أمام المسرح وبكى بحرقة لضياع فرصته .. ولم يجد أي عمل واضطر للذهاب للمطاعم واكل فضلات القمامة وفي نفس الوقت لم يترك مسرح رمسيس فكان يقف أمامه كل ليلة يحيي الممثلين وهم خارجين من المسرح بعد أداء أدوارهم المسرحية…
وتحولت ثيابه الي الوسخ الشديد واضطر الي عمل رقع في ملابسه وكان الناس يظنون انه متسول من منظره المقزز
وكان ينام فوق مقعد في مقهى الفيشاوي…
حتي إذا بدأ العمال في إغلاق المقهى ينهض لينام على الرصيف وفي يوم من الايام شب حريق داخل المسرح
فانطلق بكل شجاعة وحاول أطفاء النيران وإخراج الممثلين وأبدى شجاعة مطلقة
وعندما رأي قاسم وجدي مدير المسرح فعله قرر أن يعينه في المسرح براتب قرشين صاغ في الليلة وطار الفتي فرحا لقد أصبح يعمل ولديه راتب وذهب الي أقرب محل فول واكل بكل راتبه وترجا غفير المسرح أن يسمح له بأن ينام في المسرح بعد خروج الفنانين
وبالفعل وافق الغفير ونام أنور وجدي ولم يجد غير ألواح الخشب لتحميه من الأمطار والبرد وكان أنور وجدي يشاهد المسرحية كل يوم لدرجة انه حفظ كل ادور الممثلين وفي إحدي العروض لم تحضر إحدي الممثلات مما وضع الفرقة في ورطة…
فما كان من أنور وجدي الا ان اقترح ان يقوم بدورها واستغرب كل من الفرقة علي تصرف هذا الشاب المجنون .. ولكن الفتي الح بشدة لدرجة البكاء وفعلا صعد المسرح ليؤدي دور سيدة ولكن ليوم واحد
وعمل أنور وجدي في المسرح كل الأعمال من فراش الي نجار الي كهربائي وارتفع أجره الي خمس قروش في الليلة وأقام علاقات طيبة بكل ممثلين الفرقة…
وأعجب باصراره يوسف بك وهبى وقرر تعينه سكرتير خاص له ،،، سبحان الله
وكانت زينب صدقي نجمة الفرقة تقيم ولائم في منزلها وكانت تشفق علي أنور وجدي وتاخذه معها
وفي إحدي الولائم تحدثت زينب صدقي عن الصحة والمال فقال أنور وجدي….
صحة ايه يا هانم انا عاوز نص مليون جنيه يارب واكون مريض فصرخت فيه الفنانة وقالت اسكت يا مجنون وبعد هذا الدعاء تغيرت حياة ذلك البائس
قد يكون الله قد أراد أن يجعله عبرة
واصبح يؤدي الأدوار علي المسرح ثم اتجه الي السينما
وأصبح في سنوات قليلة فتي السينما الأول .. ولمع نجمه .. وأصبح يمثل ويكتب ويخرج وانهالت عليه العروض وفتح شركة إنتاج سينمائي وأقام في الزمالك ورأى الوجه الآخر للحياة
ثراء شديد وسيارات فارهة واشهي الأطعمة
ولكن كانت هناك غصة في حلقه وحزن في قلبه علي سنوات الفقر والجوع لدرجة انه احتفظ ببدلته القديمة في شنطة وكل فترة يفتحها وينظر إليها ويبكي ولم يضيع ثانية من عمره أصبح العمل هو كل شيء بالنسبة له واكتشف الطفلة فيروز وكسب من ورائها الكثير وتزوج من فاتنة الشاشة ليلي مراد التى كانت تحبه جدا جدا وغيرت دياناتها من اليهودية إلى الإسلام من أجله وهو كان يحبها ولكنه لا ينسى حبه الاول من ليلى فوزى فأراد الانتقام لنفسه من رفض والد ليلى فوزى طلب الزواج من ابنته بسبب أنه فقير ولا يملك فيلا او سيارة و تزوجت عزيز عثمان المطرب والممثل الذى يكبرها ب ٣٠ عام ولكنه يملك سيارة وفيلا كبيرة .. تحملت الفنانه ليلى مراد عقد السنين وأثر الثروة والغنى الفاحش الذى أصاب انور وجدى بعد أن كانت ثنائيا ناجحا و قفت بجواره وهى نجمة كبيرة حتى اسس شركة الإنتاج
ثم قدم كلاسكيات السينما المصرية
ليلى بنت الفقراء
وليلى بنت الأغنياء
بنت الأكابر
عنبر
حبيب الروح
قلبى دليلى
أمير الانتقام
ريا وسكينة
غزل البنات
خطف مراتي
وقد تزوج ليلي فوزي بعد هذا الفيلم الأخير
وسافر معها الي أوروبا لقضاء شهر العسل
وبدأ المرض يداهمه واصبح لا يستطيع أن يأكل وكان يصرخ في هستريا
(كنت فقير وباكل الفول النابت وصحتي زي الحديد ودلوقت معايا كل الفلوس دي ومش قادر اكل )وتم فحصه ليكتشف انه مريض بسرطان الكلي فكان يصرخ ساعطي نصف مليون جنيه لمن يعطيني كليته
الان اكتشف معني الحياة وتذكر دعائه ايام الفقر نصف مليون جنيه يارب مع المرض
وهنا رفع يده نحو السماء وقال يارب .. خد كل فلوسي ورجعني فقير بس صحيح الجسد عجز كل الأطباء عن معالجته وذهب إلى أشهر الأطباء فى استوكهولم بالسويد ولكن زاد عليه الألم وشعر انها النهاية ففتح شنطته التي يحتفظ بها ببدلته القديمة المليئة بالرقع لم يرميها بل احتفظ بها ليتذكر تلك الأيام وبكى بشدة وأخذ يقبل البدلة بهستيريا وقال كنت ارتديكي واكل الزلط كنت امتلك القوة والشباب والصحة
فرطت فيكي عشان وهم ..وهم اسمه الدنيا ثم اخذوه الي المستشفي وجلس فيها ومنع من الطعام وعاش على مسكنات الألم
ثم ينظر الي زوجته ويقول لها الآن أنا امتلك نصف مليون جنيه
وامتلك السرطان ثم تفيض روحه الي بارئها
ويموت يوم 14 مايو 1955
عن عمر 51 عام
.