أهم الأخبارزاوية المرسال

نزار قبانى ملك الشعر و فرعون الكلمات

ملك الشعر و فرعون الكلمات

نزار قباني

بقلم/ حسن أحمد مكرم

*سماه البعض ( رئيس جمهورية الشعر ) و سماه آخرون ( شاعر الحب و المرأة ) و يطيب لي أن أسميه ( ملك الشعر و فرعون الكلمات ) .. اشتهر بأعماله الرومانسية و السياسية, تميزت قصائده بلغة سهلة, وجدت بسرعة ملايين القراء و المعجبين في جميع أنحاء العالم.

*ولد نزار قباني في 21 مارس1923.. و تخرج عام 1945 من كلية الحقوق جامعة دمشق .. و من ثم التحق بوزارة الخارجية السورية, و في العام نفسه عين في السفارة السورية في القاهرة, و له من العمر 22 عاماً, ثم عين سفيراً لسوريا في لندن عام1952, ثم في أنقرة.. الصين.. مدريد؛ إلي أن استقر في لبنان بعد أن أعلن تفرغه للشعر عام1966, تنحدر عائلته من أسرة عربية حجازية ترجع بنسبها إلي الإمام/علي بن الحسين زين العابدين.

*تزوج مرتين .. الأولي ابنة خاله ( زهراء آقبيق )، و الثانية (بلقيس الراوي) العراقية الأصل، و التي لقيت حتفها في حادث مروع استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل عام1982 و لم يتزوج بعدها, و لكنه غادر لبنان و كان ينتقل بين باريس و جنيف حتي استقر في النهاية في لندن.

يتحدث عن مبادئه قائلاً:

أحاول منذ البدايات ..

مقالات ذات صلة

أن لا أكون شبيهاً بأحد ..

رفضت الكلام المعلب ..

رفضت عبادة أي وثن.

و له تعريف فريد للحب:

الحب يا حبيبتي..

قصيدة جميلة مكتوبة علي القمر ..

الحب مرسوم علي جميع أوراق الشجر ..

الحب منقوش علي ريش العصافير..

و حبات المطر ..

و لا عجب أن يقول لحبيبته:

حبك كالهواء يا حبيبتي ..

يحيط بي ..

من حيث لا أدري به، أو أشعر..

جزيرة حبك .. لا يطالها النخيل ..

حلم من الأحلام ..

لا يحكي و لا يفسر ..

و لا أن يعترف لها بتمكنها من سويداء قلبه:

هل عندك شك ..

أن دخولك في قلبي ..

هو أعظم يوم في التاريخ ..

و أجمل خبر في الدنيا ..

و يواصل اعترافاته:

أرجوك يا سيدتي..

أن تدركي بأني إنسان ..

وتسحبي السيف الذي زرعته..

في فوهة البركان ..

و هنا يصفها و يمدحها:

يا امرأة سوداء العينين..

تساوي عيناها عصراً ..

لو عندي امرأة مثلك أنت ..

لكنت هرقلاً أو كسري ..

ويواصل مدحه حتى أنه يتخيل نفسه و قد ملك الدنيا بمفاتيحها- حاشا لله -:

هل عندك شك أنك أحلي امرأة في الدنيا ؟

و أهم امرأة في الدنيا ؟

هل عندك شك أني ..

حين عثرت عليك ..

ملكت مفاتيح الدنيا ..

و عن إعجابه بصوتها العذب الجميل:

أنامل صوتك الزرقاء..

يمعن في تمزيقا ..

أيا ذات الفم الذهبي..

رشي الليل موسيقا ..

أما هنا فيعترف بأن عشقه لها يجعله بطلاً مغواراً لا يشق له غبار:

حين أكون عاشقا ..

تنفجر المياه من أصابعى ..

وينبت العشب على لسانى ..

حين أكون عاشقا ..

أغدو زمنا غير الزمان ..

حين أكون عاشقا ..

أجعل شاه الفرس من رعيتى ..

وأخضع الصين لصولجاني ..

وأنقل البحار من مكانها ..

ولو اردت أوقف الثوانى ..

وعن لون عينيها الذى يحاكى البحر فى زرقته:

فى مرفأ عينيك الأزرق ..

شباك بحرى مفتوح ..

وطيور فى الأبعاد تلوح ..

تبحث عن جزر لم تخلق ..

ويواصل مدحه لها :

يا سيدتى ..

أنت خلاصة كل الشعر ..

وردة كل الحريات ..

يكفى أنى أتهجى أسمك ..

حتى أصبح ملك الشعر ..

وفرعون الكلمات ..

وعن حبه الحقيقي القوى يعترف لها:

كتبت { أحبك } فوق جدار القمر ..

أحبك جداً ..

كما لا أحبك يوماً بشر ..

ألم تقرأيها بخط يدى ..

فوق سور القمر ..

وفوق كراسى الحديقة ..

وفوق جزوع الشجر ..

وفوق السنابل ..

فوق الجداول ..

فوق الثمر ..

وفوق الكواكب .. تمسح عنى ..

غبار السفر ..

وتنساب الكلمات من ينابيع قلبه عذبة رقيقة:

إعتيادى على غيابك صعب..

وإعتيادى على حضورك أصعب..

كم أنا .. كم أحبك .. حتى..

أن نفسى من نفسها تتعجب..

ليسكن الشعر فى حدائق عينيك..

فلولا عينيك لا شعر يكتب..

وفى رائعته الجميلة العذبة التى تفيض بالأحاسيس وتزخر بالمشاعر الجياشة:

يسمعنى حين يراقصنى كلمات ليست كالكلمات..

يأخذنى من تحت ذراعى فى إحدى الغيمات..

والمطر الأسود فى عينى يتساقط زخات زخات..

يحملنى معه .. يحملنى لمساءٍ وردى الشرفات..

وهكذا الحب عنده قدر ومشيئة لا تقهر:

حبك ما يكون يا حبيبتى ..

أزهرة أم خنجر ..

أم شمعة تضىء..

أم عاصفة تدمر ..

أم أنه مشيئة الله التى لا تقهر ..

ورغم كل هذا الحب .. وكل هذه العذوبة .. وكل هذه الرقة .. إلا أنه يحمل فى جعبته الكثير والكثير من الآلام والأحزان:

أهطل فى عينيك كالسحابة ..

أحمل فى حقائبى إليها ..

كثيرا من الحزن والكآبة ..

وأجهل ألف جدول ..

وألف ألف غابة ..

وأجهل التاريخ تحت معطفى ..

وأحرف الكتابة ..

وهنا يعتذر لها عن غروره وخشونتة .. فهو فى النهاية رجل مثل كل الرجال فيه كبرياء زائف:

أمازلت غضبى ؟؟

إذن سامحيني ..

فأنت حبيبة قلبى على أى حال ..

سأفرض أنى تصرفت مثل جميع الرجال ..

ببعض الخشونة ..

وبعض الغرور ..

فهل ذاك يكفى لقطع جميع الجسور ؟

وفى لحظة صدق مع النفس

يعترف بأن حبه مستحيل:

أحبك جداً ..

وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل ..

وأعرف أنك ست النساء وليس لدى بديل..

وأعرف أن زمان الحنين انتهى ..

ومات الكلام الجميل ..

أحبك جدا ..

وأعرف أنى أعيش بمنفى ..

وأنت بمنفى ..

وبينى وبينك ..

ريح ..

وغيم ..

وبرق ..

ورعد ..

و يبرر صمته العميق:

هل تسمعين أشواقي ..

إن الصمت ياسيدتى هو أقوى أسلحتى ..

هل شعرت بروعة الأشياء التى أقولها ..

عندما لا أقول شيئاً ..

*** *** ***

لأن حبى لك فوق مستوى الكلمات ..

قررت أن اسكت والسلام ..

وبالفعل سكت عن الكلام فى 30 أبريل 1998 فى لندن عن عمر يناهز 75عاما بسبب أزمة قلبية.

وفى رأى من أجمل ما كتب نزار { قارئة الفنجان }، { ورسالة من تحت الماء}،

ولقد جعل نزار من المرأة وطن .. وجعل من الوطن إمراة جميلة .. يتمنى أن يعيش ويموت فى أحضانها:

لماذا أتحدث عن المدن والأوطان ..

أنتى وطني ..

وجهك وطني ..

صوتك وطني ..

تجويف يدك الصغيرة وطني ..

وفى هذا الوطن ولدت وأريد أن أموت ..

وشاعر الحب والمرأة لم يستطيع الإنفصال عن هموم وطنه العربي الكبير وخاصة بعد هزيمة 1997 م فتحول بكتابته إلى السياسة: ..

متهمون نحن بالإرهاب ..

إذا رفضنا محونا ..

على يد المغول .. واليهود.. والبرابرة..

إذا رمينا حجراً ..

على مجلس الأمن الذى ..

استولى عليه القياصرة !

وتظهر نزعته السياسية فى كرهه لدولة إسرائيل وحبه لوطنه:

يا آل إسرائيل لا يأخذكم الغرور ..

عقارب الساعات إن توقفت ، لابد أن تدور ..

إن إغتصاب الأرض لا يخيفنا ..

فالريش قد يسقط عن أجنحة النسور ..

والعطش الطويل لا يخيفنا ..

فالماء يبقى دائما فى باطن الصخور ..

هزمتم الجيوش إلا أنكم لم تهزموا الشعور ..

قطعتم الأشجار من رؤوسها .. وظلت الجذور ..

كما كتب أشعاراً تنتقد الأوضاع العربية وفساد الأنظمة الحاكمة وإستبدادها .. حتى أن بعض قصائده قد منعت ومنها:

هوامش على دفتر النكسة ..

غرناطة ..

المهرولون..

القدس..

والعشرات غيرها ..

ولقد غنى قصائده العديد والعديد من أشهر المطربين العرب:

أم كلثوم ..

عبد الوهاب ..

عبد الحليم حافظ ..

أصالة ..

نجاة ..

كاظم الساهر ..

فيروز..

ماجدة الرومي ..

و غيرهم.

رحمك الله يا نزار .. فلقد أتعبت وأرهقت من بعدك إذ حاولوا أن يحذو حذوك .. فما إستطاعوا أن يحصلوا على جزء ولو قليل من مكانتك فى قلوب محبيك فى الوطن العربى الكبير .

بقلم الكاتب المصري/

حسـن أحمـد مكـرم

زر الذهاب إلى الأعلى