نقلا عن جريدة الأهرام للكاتب محمود الدسوقي
تناول الروائي الكبير الراحل بهاء طاهر في أعماله التاريخ الفرعوني، ليس لكونه ابنا لأسرة تعيش بالقرب من المعابد فى الأقصر، ولكن بالبصيرة الروحية والأدبية الكبيرة لخريج قسم التاريخ بالجامعة، وفى مجموعته القصصية “أنا الملك جئت”، استعرض عصر إخناتون ومحاكمة كاهن آتون ويدعى كاى نن، أمام كهان آمون بعد وأد الفتنة فى عصر إخناتون ونقل العاصمة لمقرها الأول طيبة فى الأقصر، وقد تم إعفاء إخناتون من القتل والتعذيب لأنه ملك، فيما تم التنكيل بكهنة آتون الذين كانوا يؤلفون الأشعار والتراتيل لآتون.
إخناتون، وقد اعترف سمنخ كاهن آمون أن المنافقين آفة كل عصر، لماذا ترك الناس آتون الرقيق واتجهوا إلى عبادة آلهتنا المخوفة ؟، مؤكدا أن الناس تريد الخوف وقد كان آتون رقيقا وربا للشعراء ولكن العامة لاتشعر بالتقوى إلا إذا خافت، وقد استمر الحوار الفلسفى بين الصديقين الخصمين بين كاهن آتون الذى يريد إله المحبة والنور، وبين كاهن آمون الذى يؤكد أن الناس تحتاج لقدر من الخوف كى تستقر فى وجدانها التقوي ، وقد طلب كاهن آمون توبة كاهن آتون، إلا إن كاهن آتون رفض لتستمر الأحداث.
يقول المؤرخ والأثري فرنسيس أمين فى تصريحات لــ”بوابة الأهرام ” إن الراحل بهاء طاهر وضع محاكمة لإخناتون وعصره فى محاكمة كاهن آتون، بل جعل عصره فتنة، حيث تسبب إخناتون الغارق فى أحلامه الفلسفية فى انهيار الإمبراطورية المصرية التى بناها الملوك السابقين ومنهم والده، بل أدت قراراته وانغماسه فى أرائه الفلسفية فى ضعف الدولة المصرية أول دولة فى التاريخ، مؤكدا أن أخناتون أدخل ديانة آتون، لكن وبعد وفاته، تم استعادة الممارسة الدينية التقليدية تدريجيًا وهى عبادة آمون، وبعد بضع أعوام أسَاؤوا لسمْعَة إخناتون وخلفائه، حيث تم وصفه بالعدو فى السجلات المصرية.
انشغل الملك إخناتون بفلسفته وإصلاحاته الدينية وصراعاته مع كهنة آمون، وقال عن معبوده أنه واحد لاشريك له، وانصرف عن السياسة الخارجية وإدارة الإمبراطورية الممتدة حتى أعالى الفرات، وانفصل الجزء الأسيوي منها، ولأن المصريون القدماء كانوا يرون أن الفرات من الأمن القومى لمصر، فقد وصل الاحتقان لذروته، خاصة أن مصر أصبحت مهددة، ويوضح فرنسيس أمين أن إخناتون هو ابن الملك امنحتب الثالث، ووالدته الملكة تي، أما زوجته التى شاركته نفس معتقداته الفلسفية فهى الملكة نفرتيتي، مضيفا، أن كافة المراجع التاريخية تثبت أن أخناتون تزوج 3 مرات وأن نفرتيتي ليست والدة الطفل توت عنخ آمون، مشيرًا إلى أن المصريين أطلقوا علي نفرتيتي وأخناتون الملاعين والمجرمين، مما يؤكد أنها لم تدفن حسب التقاليد الفرعونية المعمول بها، مما يجعل وجود مقبرة لها تضاهي مقبرة توت عنخ آمون من المستحيلات.
وأكد فرنسيس أن نفرتيتي دفنت سرًا لأنها ماتت بعد ثورة قام بها المصريون لإعادة عبادة الدين القديم، لافتًا إلى أن توت عنخ آمون كان المصريون ينظرون له أنه بطل شعبي أعاد الديانة والعاصمة القديمة، لذا قاموا ببناء مقبرته بشكل يليق بالملوك العظام خلاف زوجة أبيه نفرتيتي، التي من المحتمل الكبير أنها دفنت بدون التقاليد المعمولة في الدفن عند الفراعنة، وربما تكون قد دفنت بدون مقبرة تليق بها كزوجة للحاكم المصري أخناتون.
فى نهاية الحوار الفلسفى فى محاكمة الكاهن فى قصة بهاء طاهر كانت هذه التساؤلات (ما أهمية الحياة فى الكذب، ليرد كاهن آمون وما أسهل أن تموت من أجل حقيقتك)، وقد أقنع كاهن آمون بالهرب بعد مجادلات فلسفية بينهما.