أهم الأخبارزاوية المرسال

140 عاما على موقعة «التل الكبير» ..كيف قامت بريطانيا باحتلال مصر؟

المصدر : جريدة الأهرام للكاتب / محمود الدسوقي

سبقت معركة التل الكبير، آخر الحروب الأنجلو مصرية، عدة حروب انتصر فيها الجيش المصري على جيش التاج البريطاني وقاومه مقاومة عنيفة، ويقول محمد محمود زيتون في كتابه “إقليم البحيرة”، إنه في 11 يوليو 1882م وبناء على مؤامرة توفيق مع الإنجليز للقضاء على ثورة أحمد عرابي، تم ضرب الأسطول البريطاني الإسكندرية، وقام إبراهيم توفيق مدير البحيرة، وهو من الجراكسة بإرسال 500 من عرب البحيرة لحراسة الخديو في قصره بالإسكندرية، بينما هتف الشعب المصري في كل مكان “مين زى العسكر في الطوابي .. الله ينصرك ياعرابى”، بينما خرجت مظاهرات حاشدة في الإسكندرية رفعت هتاف “ياسيمور يا وش القملة.. مين قالك تعمل دى العملة”.

 في سواكن بالسودان فيما استخدمت بعض المدن في الصعيد السلاح ضد المحتلين رغم قلة عدد المصريين 13) ألفا)، إلا إنهم أوقعوا هزائم بالقوات البريطانية التي كان قوامها 30 ألفا، خاصة في مناوشات كفر الدوار.

لم يعبأ عرابي والمصريون بمنشورات الخديو التي قررت عزل أحمد عرابي من منصب وزارة الجهادية “الحربية، إلا إن الإنجليز قاموا بنسف خطوط السكة الحديدية والتلال والأتربة والتحصينات التي صنعها العرابيون، وعاودا الهجوم على كفر الدوار يوم 5 أغسطس سنة 1882م، وتم الاشتباك إلا إن العدو تراجع للإسكندرية مرة ثانية خاصة حين أرسل عرابي اليوزباشى عبد الرحمن محمود من عائلة محمود بالرحمانية ومعه قوات إلى القصاصين، حيث انتصر اليوزباشى محمود عليهم، ورغم ندم الإنجليز على معاودة الهجوم، إلا إن ملكة بريطانيا فيكتوريا، أوفدت ابنها دوق أوف كانوت، ومعه حملة كبيرة لمساعدة ولزلى فتضاعف عددهم.

قام المصريون بقتل قطار محمل بالجنود الإنجليزية، ويؤكد محمد زيتون أن الإنجليز يأسوا من هزيمة الميدان الغربي؛ لذا كان عليهم التوجه للميدان الشرقي عبر قناة السويس، وقد حاول أحمد عرابي ردم القناة، إلا إن ديلسبس اعترضه وأقنعه أن الإنجليز لن يعبروا القناة، بعد اتفاق ديلسبس مع الإنجليز والخديو لخيانة عرابى، حيث عبر الإنجليز القناة، ودخلوا فجأة لكفر الدوار، وألحقوا بالمصريين الهزيمة في 13 سبمتبر، بينما مكنهم أتباع الخديو من العبور نحو القاهرة لاحتلالها قبل منتصف سبتمبر 1882م.

كان روتشيلد الإنجليزي اليهودي هو المنتصر الوحيد من هزيمة أحمد عرابي في موقعة التل الكبير، بينما خسرت مصر والعالم حريتها أمام البنوك الرأسمالية.

يقول د. حسين مؤنس في كتابه “باشوات وسوبر باشوات” إن الخديو إسماعيل أغرق مصر في الديون وكانت معظمها غشا وتزويرا من الأوربيين، لذا انتقل الصراع هنا بين المصريين والأجانب وهذا ما كانت تخشاه أوربا لذا قامت بعزل الخديو إسماعيل وتولية ابنه توفيق الحكم، وقد أحاط بالأجانب اللصوص ورجال البنوك الانتهازيون لتتأجج الحركة الوطنية المصرية بقيادة أحمد عرابي، مؤكدة أن مصر كانت غنية وذات ثروات لذا تكالب عليها الإنجليز والأوربيين لامتصاص خيراتها.

 وأكد مؤنس إن المعركة كانت قاسية، لكن خاضها عرابي ورفاقه بكل بسالة وشجاعة رغم أن عرابي كان وحيدا، فأوروبا ومعها أمريكا الناشئة آنذاك لم ينظروا لثورة عرابي بأنها ثورة محلية وطنية بل وجدوها تمردا عالميا على الاستعمار، لذا كان القنصل الألماني أكثر المعارضين الأوربيين لأحمد عرابي، أما الجنرال الأمريكي شابيه لونج وكان يعمل في الجيش المصري فقد كان يحرض على أحمد عرابي ورفاقه، ويضيف مؤنس أن عرابي خاض المعركة وانهزم ولم يكن له مفر من الهزيمة لكن من العجائب أن الهزيمة عند المصريين هي بداية النصر، ففي كل هزيمة عقبها انتصار كاسح.

زر الذهاب إلى الأعلى