رواية “شوقي إلى ليلى”.. إبداع روائي يضيء الهوامش ويستدعي الأحلام
بقلم محمد أكسم
يضعنا الكاتب والأديب الكبير نشأت المصري في روايته “شوقي إلى ليلى” أمام نص جديد ومختلف، لا يكتفي بالسرد التقليدي فحسب, بل يكسر أنماطه، ليصوغ رواية تتأرجح بين الذاكرة والحلم، وبين الواقع والرمز.
بطلة الرواية هي” ليلى حاتم” وهي الراوية المركزية لحياتها منذ الطفولة حتى الشيخوخة، فيما يضيف المؤلف في نهاية كل فصل ما سماه “الهامش”، وهو صدى موازٍ يقدمه الراوي العليم ليكشف ما أغفلته البطلة أو يضيء زوايا لم ترها، فيخلق بذلك نصاً متعدد المستويات والأصوات.
من أبرز ملامح الرواية حضور “عالم الأحلام”، حيث تتحول رؤى ليلى إلى مرآة تكشف صراعها مع الواقع وتناقضها مع زوجها “فريد سالم” وهو ضابط شديد الواقعية، لم يشاركها شغفها ولا أحلامها، فظل بينهما فراغ عاطفي عميق.
وعلى الجانب الآخر، يظهر ابنها المدمن “كريم” الذي يمثل نموذجاً لشباب تائه بين الضياع والصمت الأسري، بينما تدخل شخصية وردة زوجة صاحب الكشك لتضيف بعداً إنسانياً من الهامش الاجتماعي، كاشفة عن عالم المهمشين الذين يضيئون زوايا معتمة في حياة البطلة.
وتظل شخصية الصحفي شوقي علامة فارقة في مسيرة ليلى حاتم، إذ يجسد صورة الحب المتأخر الذي يمنحها أملاً مبهجاً، لكنه يظل محاطاً بالتعقيدات والخيبات.
الرواية لا تتوقف عند حدود السرد الشخصي، بل تطرح بعداً سياسياً ورمزياً, فحياة ليلى تسير بالتوازي مع مسار الوطن منذ نكسة 1967 إلى نصر أكتوبر وصولاً إلى ثورة يناير، ثم إصابتها بفقدان الذاكرة كإشارة رمزية إلى حالة الارتباك التي عاشتها مصر.
وبهذا التداخل بين الخاص والعام، يقدم الكاتب شهادة فنية على تحولات المجتمع والإنسان معاً.
أستخدم المبدع نشأت المصري لغة فصحى رشيقة، جاءت بسيطة وعميقة في الوقت ذاته، بعيدة عن التكلف، لتمنح القارئ متعة التذوق السهل دون أن تفقد النص ثراؤه.
كما اعتمد السرد أكثر من الحوار، مما أضفى على العمل طابعاً تأملياً يناسب موضوعه.
إن رواية “شوقي إلى ليلى” ليست مجرد قصة عاطفية أو سيرة امرأة فحسب، بل هى عمل أدبي مكتمل الأركان يطرح أسئلة عن الحب والخذلان، عن الوطن والذاكرة، وعن الإنسان في مواجهة مصيره.
ومن خلالها هذا العمل الأدبي الفريد يكون بمثابة تأكيد أن الكاتب نشأت المصري صاحب رؤية خاصة وأسلوب متفرد وفريد من نوعه، قادر على المزج بين الواقع والخيال، ليترك للقارئ نصاً يظل مفتوحاً على التأويل والتأمل.