ثمة أشياء لا تباع ولا تشتري ولا تقدر بثمن ولا توزن بمكيال، قد يكون ثمنها فقد أشياء غاليه لدي الأنسان وقد يصل الأمر لفقد أثمن الأشياء وهي الحياة، ما يبرهن صحة القول ويثبته تلك الملحمة التي تحدث الآن علي الأراضي الفلسطينية، معركة الصمود من الجانب الفلسطيني ومعركة الوعي من العالم العربي والإسلامي أجمع ، الاشياء التي لا تقدر بثمن هي شعور الفرد الفلسطيني بلإنتماء إلي الوطن والغصة التي في الحلق جراء احتلال أراضيه من ذلك الكيان الصهيوني الإرهابى، في سيبل معركة تحرير الوطن المحتل يفقد الشعب الفلسطيني يوميا الكثير من الشهداء والجرحى بكل فآته المختلفه كبارا وصغارا ، نساء وأطفالا،شبابا وشيوخا، كان يمكن للفلسطيني أن يترك أرضه في تلك الظروف ويلجأ إلي أي مكان شاء وسيجد الراحة والمتعة والمال ورغد العيش ،لكن حينها سيفقد ذاته وانتمائه سيفد أرضه ويفرط في عرضه وهو الشيء الذي لم ولن يقبله أبدا والذي لا يقدر كما ذكرنا بثمن
فكان ولا يزال وسيظل دوما مدافعا عن الأرض والعرض وفي سيبل ذلك لا يعبأ بما يفقد من أجزاء في الجسد أو حتي الجسد كله جراء هذا العدوان الغاشم والقصف المدمر ، فتراب الوطن والإنتماء له بالنسبة للمواطن الفلسطيني هو شئ مقدس لا ثمن علي الأرض يزنة ولا قيمة تساويه ، وهذا ما لم يدركه بعد المجتمع الدولي و الإحتلال الصهيوني
الشخص المسلم تعاطفه مع القضية الفلسطينية واجب شرعى، لأسباب منها وجود المسجد الأقصي تحت آسر هؤلاء الصهاينة المحتلين، ذلك المسجد الذي يمثل للمسلمين قيمة كبيرة كونه أولي القبلتين وثالث الحرمين ومن المساجد التي تشد إليها الرحال، أيضا يجد نفسه متعاطفا مع القضية بسبب الأعتداءات المتكررة علي أبناء دولة إسلامية في المقام الأول، ففي الحديث الشريف لرسول الله (صل الله عليه وسلم) “مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمه ” صدق رسول الله (ص)، فتعاطفك كمسلم هو فرض وواجب عليك
اما بدافع القومية والحميه العربية التى من شأنها الشعور بلألم لأى اذى او ضرر يلحق بأى قطر من اقطار وطننا العربى الكبير، وللتاريخ مواقف كثيرة للتلاحم العربى فى مواجهة اى اعتداء خارجى على اى من أقطاره وللوحدة السورية المصرية قديما خير دليل اضافة الى التلاحم العربى فى حرب اكتوبر عام ١٩٧٣وغيرها الكثير، هذة القومية من شأنها دفعك للتعاطف مع القضية الفلسطينية وتصيبك بشعور الآلم والضيق معاً لما يصيب المواطن الفلسطيني من آذي وإعتداء وتدمير للمنازل والمنشآت الحيوية وحتي الملاجئ والمستشفيات، إضافة إلى القتل المستمر للمواطنين حتي وصلنا إلي مرحلة متقدمة من الغطرسة الصهيونية فأصبحوا ينادون بتهجير أصحاب الأرض، ونقصد هنا الكلام المتداول حول مطالبة أسرائيل لأهل غزة بالرحيل إلي سيناء أو أي مكان آخر، للشاعر الكبير فخري البارودي آبيات شعريه عن القومية والتلاحم العربي فأنشد يقول :-
بلاد العرب أوطاني من الشام إلي بغداد ومن نجد إلي يمن إلي مصر فتطوان فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا فلسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان فهبوا يابنى قومي بلاد العرب أوطاني
أما إذا كنت ممن لا يدينون إلا بالإنسانية وحقوق الإنسان التي كفلها له ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فستجد نفسك في ميل للجانب الفلسطيني، ففي المادة الأولي من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص علي ” يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ” وهو ما يتنافي جملة وتفصيلا مع الوضع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، فلا هو يملك حريته في وطنه ولا يجد الكرامه ولا الحق في الأمن والأمان والحياة والكريمة، بل علي النقيض فوطنه محتل ويعامل فيه بوحشيه وهمجيه إما بالقتل أو التشريد ، إضافة إلى أن الأمم المتحده قد اعتمدت قرارا يحمل الرقم ٣٢٣٦ في جلستها بتاريخ ٢٢ نوفمبر عام ١٩٧٤م بعنوان حقوق الشعب الفلسطيني والذي جاء فيه “التأكيد علي حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره دون تدخل خارجي والحق في الإستقلال والسيادة الوطنية”. وهو ما لم يتم تنفيذه حتي الآن
في النهاية التعاطف والشعور بالآسي تجاه الشعب الفلسطيني الآعزل وإظهار قضيته إلي النور وإدانة هذه الإعتداءات الغاشمه من جانب الإحتلال الإسرائيلي، هي أشياء إنسانية لا تطلب من أحد بل واجب وفرض علي كل إنسان بغض النظر عن أيدولوجياته وإنتمائه، في خلال أيام قليله ظهر الكل علي حقيقته فهناك من يدعو لنصرة القضية ويدين الإعتداء الوحشي علي العزل من أبناء الشعب الفلسطيني وهو في سيبل ذلك يفقد الكثير، خصوصا إذا كان شخص ذو شعبية وتأثير، وهناك من تجاهل الأمر ولم يسعي لنصرة هؤلاء المظلومين خوفا علي وضع أو مكانة قد وصل إليها، الكل قد أعد حساباته ووزن أموره، لكن تاريخ الإنسانية لن يرحم أحد، فليس من دعم وساند وندد وتحدث عن تلك المجزرة والإبادة الجماعية وسعي لتدول القضية كمن إلتزم الصمت أو عبر علي استحياء فمن دعم وساند سيظل يذكر بكل خير ومن تخاذل وتقاعص سيسجل له التاريخ أيضا موقفه، فالساكت عن الحق وبيانه هو شيطان أخرس بلا شك.
كتب/ أمير أبو ريه